هل تكتب الحسنات و السيئات باعتبار الأعمال أم باعتبار الزمن الذي فعلت فيه؟

السؤال: 428249

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بارك الله فيكم، وفي مجهودكم في الموقع، حتي إنني صرت مدمنا يوميا في قراءة فتاوي الموقع، وأسأل الله تعالى أن يكون لكم الفردوس الأعلى.
سؤالي عن الفترة الزمنية التي تكتب فيها الحسنات والسيئات، يعني مثلا: لو قرأ شخص القرآن لمدة ساعة، هل تكتب له الحسنات، ١٠حسنات كل دقيقة أو كل ثانية ؟
ولو ـ عياذ بالله تعالى ـ كان أحد الأشخاص يتكلم مع فتاة أجنبية لمدة نصف ساعة، فهل تكتب له سيئة واحدة بعد انتهاء النصف ساعة كلها، أم تكتب له في كل ثانية؟
ولو قام شخص بمشاهدة الأفلام الخبيثة لمدة ساعتين، هل تكتب له سيئة واحدة بعد انتهاء الفيلم، أم في كل لحظة يشاهد فيها الفيلم؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

الحسنات والسيئات تتعلق بالأعمال، كما قال تعالى: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ الانفطار/10-12.

وقال: إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ق/17-18.

فمن يعمل صالحا كتب له حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، ومن يعمل السيئة تكتب له واحدة، كما في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ:  إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ : فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً رواه البخاري (6491) ومسلم (131).

وروى مسلم في صحيحه (128) عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِذَا هَمَّ عَبْدِي بِسَيِّئَةٍ فَلَا تَكْتُبُوهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا سَيِّئَةً، وَإِذَا هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا فَاكْتُبُوهَا حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا عَشْرًا  .

ورواه مسلم أيضاً (129) بلفظ: قَالَتِ الْملَائِكَةُ: رَبِّ، ذَاكَ عَبْدُكَ يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً، وَهُوَ أَبْصَرُ بِهِ، فَقَالَ: ارْقُبُوهُ، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ بِمِثْلِهَا، وَإِنْ تَرَكَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، إِنَّمَا تَرَكَهَا مِنْ جَرَّايَ.

فليس الأمر متعلقا بالزمن، فإن الزمن الواحد قد يفعل فيه عشرات الحسنات أو السئيات.

فمن قرأ القرآن لمدة ساعة، يكتب له بكل حرف عشر حسنات، وليس كل دقيقة أو كل ثانية؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ: الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ  رواه الترمذي (2910) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".

والساعة تكفي لقراءة جزئين من كتاب الله، وفي الجزء نحو من 120 ألف حسنة.

ولو تكلم مع فتاة أجنبية لمدة نصف ساعة كلاما محرما، فكل كلمة محرمة يكتب له بها سيئة، ولو شاهد مقطعا أو فيلما محرما، فكل نظرة محرمة تكتب بها سيئة، ولا علاقة لهذا بالزمن.

لكن، ومع ذلك: فلا شك أن شغل الزمان الطويل بمعصية الله، أعظم ضررا وخطرا على صاحبه، من شغل الزمان القصير بها، لو كانت من جنس واحد؛ فكيف إذا تعددت المعاصي في الزمان الطويل.

فعَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ  رواه الترمذي (2417)، وقال: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

وعبارة: لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ، أي: "من موقفه للحساب إلى جنة أو نار" انتهى من "دليل الفالحين (4/300).

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (397172).

وليحذر العبد من صغائر الذنوب وكبائرها، فإن الذنب تنكت به نكتة سوداء في القلب، كما قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ، وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ، وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) رواه الترمذي (3334)، وابن ماجة (4244) وحسنه الألباني في "صحيح الترمذي".

قال المناوي في "فيض القدير" (2/ 128): " قال الغزالي: وتواتر الصغائر عظيم التأثير في سواد القلب، وهو كتواتر قطرات الماء على الحجر، فإنه يحدث فيه حفرة لا محالة، مع لين الماء وصلابة الحجر.

قال العلائي: أخذ من كلام حجة الإسلام: أن مقصود الحديث الحث على عدم التهاون بالصغائر ومحاسبة النفس عليها وعدم الغفلة عنها، فإن في إهمالها هلاكه، بل ربما تغلب الغفلة على الإنسان فيفرح بالصغيرة ويتحجج بها ويعد التمكن منها نعمة غافلا عن كونها وإن صغرت سبب للشقاوة" انتهى.

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android