مال الميت هو ملك لورثته.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ رواه البخاري (6731)، ومسلم (1619).
والمتبادر إلى الذهن من السؤال أن التركة لم تقسم بعد.
فقبل القسمة لا يصح أن يتصرف فيها أحد منهم إلا بإذنهم جميعا.
وماء البئر المملوكة لشخص، الراجح الذي عليه جمع من أهل العلم: أنه لا يجوز لصاحب البئر أن يمنع فضل ماء بئره.
لما رواه الإمام مسلم (1565) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ".
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: " والمراد بـ "الفضل" ما زاد على الحاجة، ولأحمد من طريق عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة: ( لا يمنع فضل ماء بعد أن يستغنى عنه )، وهو محمول عند الجمهور على ماء البئر المحفورة في الأرض المملوكة، وكذلك في الموات إذا كان بقصد التملك... " انتهى، من "فتح الباري" (5 / 32).
وروى ابن ماجه (2473) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ثَلَاثٌ لَا يُمْنَعْنَ: الْمَاءُ، وَالْكَلَأُ، وَالنَّارُ.
قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى: " أخرجه ابن ماجه (2473) بإسناد صحيح. كما قال الحافظ فى "التلخيص"، والبوصيرى فى "الزوائد" " انتهى. "إرواء الغليل" (6 / 9).
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: " وهل يلزمه بذل فضل مائه لزرع غيره؟ فيه روايتان؛ إحداهما، لا يلزمه بذله. وهو مذهب الشافعي؛ لأن الزرع لا حرمة له في نفسه، ولهذا لا يجب على صاحبه سقيه، بخلاف الماشية.
والثانية يلزمه بذله لذلك ... في "المسند" عن جابر، قال: ( نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ ) ... ولأن في منعه فضل الماء، إهلاكه، فحرم منعه، كالماشية. وقولهم: لا حرمة له. قلنا: فلصاحبه حرمة، فلا يجوز التسبب إلى إهلاك ماله. ويحتمل أن يمنع نفي الحرمة عنه، فإن إضاعة المال منهي عنها، وإتلافه محرم، وذلك دليل على حرمته " انتهى، من "المغني" (6 / 378 - 379).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: " ( ولا يصح بيع نقع البئر ): نقع البئر هو ماء البئر الذي نبع من الأرض، فلا يجوز بيع هذا الماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْمَاءِ، وَالْكَلَإِ، وَالنَّارِ )؛ ولأن هذا الماء لم يخرج بقدرة الإنسان؛ بل بقدرة الله عز وجل، فقد يحفر الإنسان بئرًا عميقا ولا يخرج الماء، فليس من كده ولا فعله، بل هو سبب، فلذلك لا يملكه، وإذا كان لا يملكه فإنه لا يصح بيعه، أما إذا ملكه وحازه وأخرجه ووضعه في البركة، فإنه يجوز بيعه؛ لأنه صار ملكا له بالحيازة.
إذا قلنا: لا يصح بيع نقع البئر، فلو جاء إنسان وركّب على بئري ما يستخرج به الماء، فهل لي أن أمنعه؟
الجواب: إذا لم يكن في ذلك عليّ ضرر، فليس لي أن أمنعه، وإن كان علي ضرر فإن لي أن أمنعه.
والضرر مثل أن أتضرر بكونه يتخطى ملكي إلى البئر، أو بكونه يطلع على عورات النساء، أو بكونه يقلل الماء علي.
فالمهم أنه إذا لم يكن علي ضرر فإن الواجب علي أن أمكنه من أن يضع على بئري ما يستقي به الماء " انتهى. "الشرح الممتع" (8 / 139 – 140).
فالحاصل؛ أن الورثة أحق بماء هذا البئر ، إذا كانوا في حاجة إليه ، لدوابهم وزرعهم.
فإن كانوا لا يحتاجون إليه، أو كان زائدا عن حاجتهم: فلا حرج عليكم من الانتفاع بما زاد عن حاجتهم ، بشرط ألا يكون في ذلك إضرار بهم ، كالاطلاع على عوراتهم . ونحو ذلك .
والله أعلم.