77

ما حكم تزوير الشهادات لأجل التزيّن والتفاخر، لا للعمل بها؟

السؤال: 417639

ما حكم تزوير الشهادة ليقال لي دكتور أو طبيب، مع العلم إني لن أعمل بها، حتى أتعلم المهنة بشكل صحيح؟ وهل من يسعى ليقال له دكتور أو طبيب، يدخل في حديث: (أول من تسعر بهم النار..)، و ذكر منهم رجلا تعلم العلم؛ ليقال هو عالم؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

تزوير الشخص لشهادة دراسية لأجل تزيين مظهره في المجتمع، هو أمر لا يجوز، وكونه لن يعمل بها لا يجعل الأمر مباحا؛ لأن هذا التصرف يحتوي على مفسدتين:

الأولى: قول الزور.  قال الله تعالى:  وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ   الحج (30).

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى: " أمر في هذه الآية الكريمة باجتناب قول الزور، وهو الكذب والباطل... وكل قول مائل عن الحق فهو زور، لأن أصل المادة التي هي الزور من الازورار بمعنى الميل، والاعوجاج " انتهى، من "أضواء البيان" (5 / 750).

الثانية: تظاهر الإنسان بما ليس عنده، وهو من سيء الأخلاق.

وقد كانت هذه المفسدة الخلقية، والتحذير منها، موضع سؤال للنبي صلى الله عليه وسلم، فشدد في النهي عن ذلك، التحذير منه.  عَنْ أَسْمَاءَ : «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِي ضَرَّةً، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ إِنْ تَشَبَّعْتُ مِنْ زَوْجِي غَيْرَ الَّذِي يُعْطِينِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ». رواه البخاري (5219) ومسلم (2130).

وقد ترجم عليه الإمام البخاري في "صحيحه": "‌‌بَابُ الْمُتَشَبِّعِ بِمَا لَمْ يَنَلْ، وَمَا يُنْهَى مِنِ افْتِخَارِ الضَّرَّةِ". وترجمته في "صحيح مسلم": "‌‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّزْوِيرِ فِي اللِّبَاسِ وَغَيْرِهِ وَالتَّشَبُّعِ بِمَا لَمْ يُعْطَ".

فانظر تعميم الأئمة لنهي الحديث في حق كل "من تشبع بما لم ينل"، أو وقع منه: "التزوير في اللباس، وغيره..".

وعَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( ... وَمَنْ ادَّعَى دَعْوَى كَاذِبَةً لِيَتَكَثَّرَ بِهَا لَمْ يَزِدْهُ اللهُ إِلَّا قِلَّةً... ) رواه مسلم (110).

قال القرطبي رحمه الله تعالى: " وقوله: ( وَمَنْ ادَّعَى دَعْوَى كَاذِبَةً لِيَتَكَثَّرَ بِهَا لَمْ يَزِدْهُ اللهُ إِلَّا قِلَّةً)، يعني - والله أعلم -: أن من تظاهر بشيء من الكمال، وتعاطاه، وادعاه لنفسه، وليس موصوفا به: لم يحصل له من ذلك إلا نقيضُ مقصوده، وهو النقص: فإن كان المدَّعى مالا، لم يبارك له فيه، أو علمًا، أظهر الله جهله، فاحتقره الناس، فقل مقداره عندهم.

وكذلك لو ادعى دِينًا، أو نسبًا، أو غير ذلك؛ فضحه الله، وأظهر باطله؛ فقلّ مقداره، وذلّ في نفسه؛ فحصل على نقيض قصده...

ونحو منه قوله تعالى: ( وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا )، وقوله عليه الصلاة والسلام: ( المُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلاَبِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ ) " انتهى، من "المفهم" (1 / 315).

وإذا كانت الشهادة متعلقة بالعلوم الشرعية زادت المفسدة، لاشتمالها على الرياء في أمر يشترط له الإخلاص.

طالع للفائدة جواب السؤال رقم: (145767).

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android