السبت 11 شوّال 1445 - 20 ابريل 2024
العربية

حكم إثبات الزنا بكاميرات المراقبة والتصوير

375600

تاريخ النشر : 31-05-2022

المشاهدات : 16848

السؤال

لتطبيق الحدّ في الشريعة بشكل صحيح ، نحتاج لشهادة أربعة أشخاص على الجريمة على النحو الواجب، فأين دور كاميرات المراقبة في هذا؟ هل تُحسَب ويطبّق الحدّ إذا لم يراه إلا أربعة شهود على أشرطة الأمن؟

ملخص الجواب

يثبت الزنا بالإقرار، أو بشهادة أربعة رجال. فلا بد أن تقع الشهادة برؤية العين، ولا تكفي في ذلك كاميرات المراقبة، ولو شاهدها أربعة، ولا التصوير بالفيديو ولا غيره؛ لأن ذلك كله يدخله احتمال التلاعب والتزوير، ولو بِقِلَّة، والحدود تُدْرأ بالشبهات، والشريعة شددت في هذه الجريمة رغبة في الستر، لكن للقاضي أن يعزر من أظهرت الكاميرات وجوده مع امرأة أجنبية على هذه الحال.

الحمد لله.

طرق إثبات جريمة الزنا

يثبت الزنا بالإقرار، أو بشهادة أربعة رجال.

قال في "شرح منتهى الإرادات" (3/ 349) في شروط ثبوت الحد:

"الشرط (الثالث ثبوته) أي الزنا (وله) أي: الثبوت (صورتان إحداهما: أن يقر به مكلف أربع مرات) لحديث ماعز بن مالك اعترف عند النبي صلى الله عليه وسلم الأولى والثانية والثالثة ورده. فقيل له: إنك إن اعترفت عنده الرابعة رجمك، فاعترف الرابعة، فحبسه ثم سأل عنه، فقالوا لا نعلم إلا خيرا، فأمر به فرجم روي من طرق عن ابن عباس وجابر وبريدة وأبي بكر الصديق (حتى ولو) كان الاعتراف أربعا (في مجالس)، لأن ماعزا أقر أربع مرات عنده صلى الله عليه وسلم في مجلس واحد. والغامدية أقرت عنده بذلك في مجالس . رواه مسلم والدارقطني من حديث بريدة ...

الصورة (الثانية) لثبوت الزنا: (أن يشهد عليه) أي الزاني (في مجلس) واحد (أربعة رجال عدول، ولو جاءوا متفرقين) واحدا بعد واحد، (أو صدقهم) زان، (بزنا واحد) متعلق بيشهد، (ويصفونه) أي: الزنا؛ لقوله تعالى: والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء [النور: 4]. الآية، وقوله فاستشهدوا عليهن أربعة منكم [النساء: 15] فيجوز لهم النظر إليهما حال الجماع، لإقامة الشهادة عليهما.

واعتبر كونهم رجالا لأن الأربعة اسم لعدد الذكور، ولأن في شهادة النساء شبهة لتطرق الاحتمال إليهن، وعدولا كسائر الشهادات، وكونها في مجلس لأن عمر حد الثلاثة الذين شهدوا على المغيرة بن شعبة بالزنا لما تخلف الرابع، ولولا اعتبار اتحاد المجلس لم يحدهم لاحتمال أن يكملوا برابع في مجلس آخر.

ومعنى وصفهم للزنا: أن يقولوا رأينا ذكره في فرجها كالمرود في المكحلة أو الرشاء في البئر لما تقدم في الإقرار " انتهى من "شرح منتهى الإرادات" (3/ 349).

هل تثبت جريمة الزنا بالتصوير بالفيديو؟

فلا بد أن تقع الشهادة برؤية العين، ولا تكفي في ذلك كاميرات المراقبة، ولو شاهدها أربعة، ولا التصوير بالفيديو ولا غيره؛ لأن ذلك كله يدخله احتمال التلاعب والتزوير، ولو بِقِلَّة، والحدود تُدْرأ بالشبهات، والشريعة شددت في هذه الجريمة رغبة في الستر، لكن للقاضي أن يعزر من أظهرت الكاميرات وجوده مع امرأة أجنبية على هذه الحال.

سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: " هل التصوير- تصوير الزاني والزانية يقوم مقام الشهود الأربعة؟

فأجاب: لا يجوز التصوير. أولا: التصوير حرام. ثانيا: لا يتخذ التصوير بينة ويحكم به على صاحب الصورة هذا لا يجوز.

الإسلام مبني على الستر، وعلى درء الحدود ما استطاع الواحد أن يدرأها، مبني على الستر وعلى حفظ الأعراض" انتهى من موقع الشيخ صالح الفوزان 

قال الشيخ الدكتور سعد الخثلان:

إن التصوير بالفيديو لإثبات جريمة الزنا لا يجزئ عن الشهود الأربعة، وذلك لأن التصوير الآن يعتريه ما يعتريه من التزوير والتلبيس وتركيب الصور، قد أصبح هذا أمرًا متوافرًا، وأصبح بالإمكان تركيب صورة على صورة، فالآن محاكاة الأصوات، وتلبيس الصور أمر معروف، وفي مثل هذه لا يُعتمد عليه، فعقوبة الزنا عقوبة شديدة، إذا كان الزاني محصنًا ففيها الرجم بالحجارة حتى الموت، وإذا كان غير محصن جلده مئة جلدة، وتغريبه سنة، وهذه لا تكون إلاّ بعد ثبوت هذا الحد، ولا يثبت إلاّ بالاعتراف، أو بأربعة شهود، وتحقق الشهود من أصعب ما يكون، بل إن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- قال: لا أعلم من عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى وقتي هذا -وقد توفي سنة 728هـ- أنه ثبت حدٌ في الإسلام بطريق الشهادة، وجميع الحدود التي ثبتت بطريق الاعتراف، بطريق الإقرار، لأن إثباتها بطريق الشهادة فيه صعوبة، وقد يكون أيضًا من حِكَم التشريع أن يكون في ذلك ردع للناس، يعني الشريعة لا تتشوف لمثل هذا للعقوبة، وإنما المقصود ردع النّاس، لكن من اعترف يقام عليه الحد، ومن وصل إلى مرحلة أن الشهود الأربعة يرونه ويشهدون عليه شهادةً صريحة واضحة، ولا يكون فيه شبهة فهذا يقام الحد عليه، ومن لم يمكن إثبات حد الزنا بالنسبة له، فيستتر بستر الله عز وجل، وإذا قُبض عليه ولم يعترف، ولم يمكن إقامة الشهادة عليه، فإنه لا يثبت الحد، لكن للقاضي أن يعزِّره بما يقابل قيام التهمة. 

 

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب