الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

ظاهرة التقبيل على الفم بين النساء

36837

تاريخ النشر : 12-02-2006

المشاهدات : 266981

السؤال

لدي مسألة مهمة أرجو الإجابة عنها ، واعذرونا بهذا السؤال لكنا محتاجون لتبيينكم حتى نتجنب المحظور .
انتشر كثيرا بين الفتيات المدعيات للأخوة الإسلامية تقبيلهن لبعضهن بطريقة مبالغ فيها كالتقبيل من الفم أو من أماكن أخرى ويتحججن بأن هذا من كمال الود وحين بينا لهم حرمة هذا قالوا إنه لا يوجد أي دليل شرعي يحرمه وأن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يعض لسان زيد بن حارثة وهم مستعدون لإيقاف هذا الفعل إذا تبين لهم دليل شرعي يحرم هذا .

الجواب

الحمد لله.

لا يشترط لثبوت الحكم الشرعي أن يأتي النص عليه بعينه في آية قرآنية أو حديث نبوي ، فإن المسائل والمستجدات لا نهاية لها ، ولذلك جاء الشرع بقواعد عامة يدخل تحتها آلاف المسائل ، ويُعرف حكمها ، ومن هذه القواعد العظيمة قاعدة " سد الذرائع " ، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في " إعلام الموقعين " تسعاً وتسعين دليلاً من الكتاب والسنة على ثبوتها وصحتها ، ومعنى " سد الذرائع " أن كل ما كان وسيلة للوقوع من شيء محرم فإنه يمنع ، ولو كان مباحاً من الأصل .

ومن المعلوم أن الشريعة الإسلامية قد أوصدت الأبواب التي تؤدي إلى الوقوع في الفاحشة – سواء كانت الزنا أو ما شذ منها كاللواط والسحاق – ومن هذه الأبواب :

تحريم نظر الرجال للنساء وعكسه ، وتحريم خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية عنه ، ومصافحتها ، وتحريم سفر المرأة وحدها ، ومثل ذلك أيضاً : ما جاءت به الشريعة في إيصاد أبواب الفواحش الشاذة بين الذكران بعضهم مع بعض ، وبين النساء بعضهن مع بعض ، فحرَّمت نظر المرأة لعورة المرأة ، والرجل لعورة الرجل ، وحرمت النوم في فراش واحد وتحت لحاف واحد ، وحرَّمت النظر والمس والتقبيل إذا كان بشهوة ، حتى لو كان بين امرأة وأخرى ، أو رجل وآخر .

فعن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ ، وَلا الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ ، وَلا يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ، وَلا تُفْضِي الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ ) . رواه مسلم ( 338 ) .

كما جاءت أقوال العلماء واضحة بينة في هذا الباب حتى بين المحارم ، فمنعوا من تقبيل الأب لابنته على فمها ، ومن باب أولى منع تقبيل الأخ لأخته على فمها ، فضلاً عن سائر الأقارب .

سئل الإمام أحمد يقبل الرجل ذات محرم منه ؟ قال : إذا قدم من سفر ولم يخَف على نفسه .

قال ابن مفلح : ولكن لا يفعله على الفم أبدا , الجبهة أو الرأس .

" الآداب الشرعية " ( 2 / 256 ) .

فانظر تقييدات الإمام أحمد في تقبيل المحارم :

الأول : أن تكون هناك مناسبة ، كسفر .

الثاني : أمن الفتنة .

وقد وضع ابن مفلح رحمه الله قيداً مهماً وهو أن لا يكون التقبيل على الفم ، بل على الجبهة أو الرأس ؛ لأن الفم مكان تقبيل الشهوة ، وليس تقبيل العطف والأبوة والأخوة ، وهو واضح لمن تأمله .

وفي " الإقناع " ( 3 / 156 ) :

" ولا بأس للقادم من سفر بتقبيل ذوات المحارم إذا لم يخف على نفسه ، لكن لا يفعله على الفم ، بل الجبهة والرأس " انتهى .

وفي " الموسوعة الفقهية " ( 13 / 130 ) :

" لا يجوز للرّجل تقبيل فم الرّجل أو يده أو شيء منه ، وكذا تقبيل المرأة للمرأة ، والمعانقة ومماسّة الأبدان ، ونحوها ، وذلك كلّه إذا كان على وجه الشّهوة ، وهذا بلا خلاف بين الفقهاء ... .

أمّا إذا كان ذلك على غير الفم ، وعلى وجه البرّ والكرامة ، أو لأجل الشّفقة عند اللّقاء والوداع ، فلا بأس به كما يأتي " انتهى .

فإذا كانت هذه أقوال علمائنا وأئمتنا في تقبيل ذوات المحارم كالابنة : فكيف سيجيزون تقبيل الأجنبية للأجنبية من فمها يوميّاً من غير سفر ولا طول غياب ؟!

وفي جواب السؤال رقم ( 60351 ) تفصيل مهم حول حكم " التقبيل اليومي بين طالبات المدارس " ، وما قيل هناك في المنع أولى أن يقال في التقبيل على الفم .

وننبه إلى أننا لم نجد الحديث المذكور في السؤال أنه كان النبي صلى الله يعض لسان زيد بن حارثة ، ولا ندري مصدره .

وفي الترمذي ( 2732 ) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَدِمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ الْمَدِينَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي فَأَتَاهُ فَقَرَعَ الْبَابَ فَقَامَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَهُ .

لكنه حديث ضعيف ، ضعفه الألباني في " ضعيف الترمذي " .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب