أولا:
نسأل الله الكريم أن يصلح بين والديك، وأن يعينك على برهما.
حق الأم على الولد أعظم من حق الأب .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟
قَالَ: (أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أَبُوكَ ) رواه البخاري (5971) ومسلم (2548).
فحق الأم مقدم، كما يدل ظاهر الحديث.
قال ابن بطال رحمه الله تعالى:
" وحديث أبى هريرة يدل على أن لها ثلاثة أرباع البرّ، وهو الحجة على من خالفه " انتهى. "شرح صحيح البخاري" (9 / 191).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" قال القرطبي: المراد أن الأم تستحق على الولد الحظ الأوفر من البر، وتقدم في ذلك على حق الأب عند المزاحمة، وقال عياض: وذهب الجمهور إلى أن الأم تفضل في البر على الأب، وقيل: يكون برهما سواء، ونقله بعضهم عن مالك، والصواب الأول " انتهى. "فتح الباري" (10 / 402).
فعليك أن تقدمي حق الأم مع عدم إغضاب الأب، بل تجتهدي في طلب رضاهما، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( رِضَى الرَّبِّ فِي رِضَى الوَالِدِ ، وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الْوَالِدِ ) رواه الترمذي (1899) وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" (2 / 340).
وإذا كان أحدهما مريضا يحتاج إلى مزيد عناية ، فإنه يقدم على الآخر لحاجته .
وكل ذلك مقيد بحسب استطاعتك وقدرتك.
قال الله تعالى: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن (16).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بشيئ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) رواه البخاري (7288) ومسلم (1337).
ثانيا:
عليك أن تجتهدي في الإصلاح بينهما قدر استطاعتك، واحتسبي أجرك عند الله تعالى.
سُئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:
" إذا اختلف والدي مع والدتي وتشاجرا وارتفع الصوت بينهما، ونصحت كل واحدٍ على حده ولم يستجيبا لي، كيف يكون موقفي وجهوني جزاكم الله خيراً؟
فأجاب: عليك أن تستمر في النصيحة، وأن تصبر ولا تمل ولا تكسل -نسأل الله لهما الهداية-، واستعمل الرفق والحكمة والكلام الطيب مع والديك، ولا تجزع ولا تمل ولا تكسل ولا تيأس، تستعمل ما تستطيع من الكلام الطيب والأسلوب الحسن، وإذا تيسر لك أن تستعين ببعض أقاربك الذين لهما منزلة عند والديك حتى يساعدوك على النصيحة لهما، والتأليف بين قلوبهما فافعل ذلك " انتهى.
وإذا كان دفاعك عن أحدهما يغضب الآخر، ويزيد من الفساد بأن يبالغ في الإساءة، ففي هذه الحال عليك أن تنكري بقلبك ما تسمعينه من الباطل.
عن أَبي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه؛ أنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ ) رواه مسلم (49).
وطالعي لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم: (175863).
والله أعلم.