الأربعاء 15 شوّال 1445 - 24 ابريل 2024
العربية

ما حكم استعمال معرف باسم خادم رسول الله على شبكات التواصل الاجتماعي؟

358693

تاريخ النشر : 18-05-2021

المشاهدات : 3466

السؤال

يكثر في مواقع التواصل الاجتماعي التسمي بخادم رسول الله (صل الله عليه وسلم) نريد معرفة حكم هذه التسمية جزاكم الله جنات النعيم.

الحمد لله.

أولا: 

الأصل في الأسماء الجواز 

الأسماء من أمور العادة التي الأصل فيها الجواز، إلا إذا احتوى الاسم على محذور شرعي. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

"تصرفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان: عبادات يصلح بها دينهم، وعادات يحتاجون إليها في دنياهم: فباستقراء أصول الشريعة نعلم أن العبادات التي أوجبها الله أو أحبها لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع.

وأما العادات؛ فهي ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه، والأصل فيه عدم الحظر، فلا يحظر منه إلا ما حظره الله سبحانه وتعالى...

والعادات الأصل فيها العفو، فلا يحظر منها إلا ما حرمه، وإلا دخلنا في معنى قوله: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا) ؛ ولهذا ذم الله المشركين الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله، وحرموا ما لم يحرمه... وهذه قاعدة عظيمة نافعة." انتهى من "مجموع الفتاوى" (29 / 16 – 18).

وجاء في "الوسوعة الفقهية الكويتية" (11 / 331):

" الأصل جواز التسمية بأي اسم، إلا ما ورد النهي عنه." انتهى.

ثانيا: 

حكم استخدام معرف " خادم رسول الله " في الشبكات الاجتماعية 

أسماء المعرفات، التي لا تحمل اسم الشخص الحقيقي، عادة ما لا يراد بها حقيقة ألفاظها، أو أعيان مفرداتها، بل يريد بها صاحبه الدلالة على معنى يفضله، أو توجه عام لشخصه، ومنهجه. هذا هو الغالب. 

وتعريف النفس في صفحات التواصل بصفة: "خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم"، لا يراد منها ، قطعا: الخدمة الحسية لشخص النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا لا يقوله عاقل أصلا. 

وحينئذ، فلم يبق إلا أن يكون أراد بذلك الحمل على المعنى المجازي، من الدلالة على تعظيم الشخص لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعزيره وتوقيره، وإجلاله، وعظيم طاعته، حتى يصير الشخص معه كالخادم الذي لا يرد أمرا لسيده، وهو صلى الله عليه وسلم كذلك، وفوق ذلك، وأعظم من ذلك. 

ويراد بالخدمة كذلك: نصرته بدفع أذى من يعتدي على عرضه صلى الله عليه وسلم، هذا الاعتداء الذي يتكرر حدوثه من أهل الكفر في السنوات الأخيرة، أو كخدمة سنته والذب عنها ورد شبهات أهل الضلال حول السنة.

فهذا المعنى جليل عظيم، لا شك أن كل مسلم يرغب أن ينال هذا الشرف، لكن على من يسمي نفسه به أن يكون صادقا في دعواه، وإلا يكون قد ابتعد عن صفة الصدق التي جاء بها نبينا صلى الله عليه وسلم.

عَنْ أَسْمَاءَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (المُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلاَبِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ) رواه البخاري (5219) ومسلم (2130).

وعَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (... وَمَنْ ادَّعَى دَعْوَى كَاذِبَةً لِيَتَكَثَّرَ بِهَا لَمْ يَزِدْهُ اللهُ إِلَّا قِلَّةً...) رواه مسلم (110).

قال القرطبي رحمه الله تعالى:

"وقوله: (وَمَنْ ادَّعَى دَعْوَى كَاذِبَةً لِيَتَكَثَّرَ بِهَا لَمْ يَزِدْهُ اللهُ إِلَّا قِلَّةً)، يعني - والله أعلم -: أن من تظاهر بشيء من الكمال، وتعاطاه، وادعاه لنفسه، وليس موصوفا به، لم يحصل له من ذلك إلا نقيض مقصوده، وهو النقص؛ فإن كان المدَّعى مالا، لم يبارك له فيه، أو علما، أظهر الله جهله، فاحتقره الناس، فقل مقداره عندهم.

وكذلك لو ادعى دينا أو نسبا أو غير ذلك، فضحه الله، وأظهر باطله؛ فقلّ مقداره، وذلّ في نفسه؛ فحصل على نقيض قصده...

ونحو منه قوله تعالى: (وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا)، وقوله عليه الصلاة والسلام: (المُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلاَبِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ) " انتهى. "المفهم" (1 / 315).

ثم ليحذر صاحب ذلك اللقب، والمعرف: من أن يزكي نفسه بغير حق، أو يمتدحها ليرفعها عند الناس؛ فذلك كله مما يحط من قدر صاحبه، وإن كان يظن أنه يزكيها، ويرفعها؛ وإنما يزكيها الصدق في الدعوى، وطاعة الله وطاعة رسوله، صلى الله عليه وسلم. 

وينظر للأهمية جواب السؤال رقم (285410) ورقم (158253) .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب