الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

حكم جعل ما يسمى بالجمعة السوداء يوما لتخفيض الأسعار

السؤال

ما حكم ما يُسمى بالجمعة السوداء؟ وهل تجوز هذه التسمية؟ وهل تعتبر من التشبه بالكفار؟ وهل تُحرّم لمجرد فتحها الباب لمعظم الناس للإسراف والتبذير أي بذريعة دفع المفاسد؟ وهل البيع والشراء فيها حرام؟

ملخص الجواب

لا حرج في شراء السلع في يوم ما يسمى بـ الجمعة السوداء، والاستفادة من العروض والتخفيضات التي تمنح فيه، ولو كان هذا مرتبطا بعيد الشكر، أو تابعا له، أو تتم فيه التخفيضات لشراء هدايا أعياد الميلاد، ما دام المشتري يشتري المباح، ولا يشتري ما يستعان به على الاحتفال بأعياد الميلاد من هدايا أو غيرها. وإذا كان الكفار ينتظرون هذا اليوم كل عام، ويخصونه بالتخفيضات والترويجات والتسمية، فليس لنا أن نتشبه بهم في ذلك في بيعنا وشرائنا، ونخص هذه اليوم بتخفيض أسعار البضائع في محلاتنا؛ لكن من وجد ذلك التخفيض من المشترين، فله أن يشتري ما يحتاج إليه منه ، كما سبق بيانه.

الحمد لله.

أولا: سبب تسمية الجمعة السوداء 

الجمعة السوداء هي الجمعة الأخيرة من شهر نوفمبر، ومما وقفنا عليه في شأنها:

"الجمعة السوداء (بالإنجليزية: Black Friday) وتسمى أحيانًا في الوطن العربي بـالجمعة البيضاء، هو اليوم الذي يأتي مباشرة بعد عيد الشكر في الولايات المتحدة، وعادة ما يكون في نهاية شهر نوفمبر من كل عام، ويعتبر هذا اليوم بداية موسم شراء هدايا عيد الميلاد.

في هذا اليوم تقوم أغلب المتاجر بتقديم عروض وخصومات، حيث تفتح أبوابها مبكرا لأوقات تصل إلى الساعة الرابعة صباحًا، بسبب الخصومات الكبيرة . ولأن أغلب هدايا عيد الميلاد تشترى في ذلك اليوم، فإن أعدادًا كبيرة من المستهلكين يتجمهرون فجر الجمعة خارج المتاجر الكبيرة ينتظرون افتتاحها. وعند الافتتاح تبدأ الجموع بالتقافز والركض كلٌ يرغب بأن يحصل على النصيب الأكبر من البضائع المخفضة الثمن...

تعود تسمية الجمعة السوداء إلى القرن التاسع عشر، حيث ارتبط ذلك مع الأزمة المالية عام 1869 في الولايات المتحدة والذي شكل ضربة كبرى للاقتصاد الأمريكي، حيث كسدت البضائع وتوقفت حركات البيع والشراء مما سبب كارثة اقتصادية في أمريكا، تعافت منها عن طريق عدة إجراءات منها إجراء تخفيضات كبرى على السلع والمنتجات لبيعها بدل من كسادها وتقليل الخسائر قدر المستطاع .

ومنذ ذلك اليوم أصبح تقليد في أمريكا تقوم كبرى المتاجر والمحال والوكالات بإجراء تخفيضات كبرى على منتجاتها تصل إلى 90% من قيمتها ، لتعود بعد ذلك إلى سعرها الطبيعي بعد انقضاء الجمعة السوداء أو الشهر الخاص في هذا اليوم.

أما وصف هذا اليوم باللون الأسود فهو ليس ناتجا عن الكراهية أو التشاؤم، وقد أعطيت هذه التسمية أول مرة في عام 1960 من قبل شرطة مدينة فيلاديلفيا التي أعطت هذا المسمى، حيث كانت تظهر اختناقات مرورية كبيرة ، وتجمهر وطوابير طويلة أمام المحلات خلال هذا اليوم المعروف بالتسوق، فوصفت إدارة شرطة مدينة فيلادلفيا ذلك اليوم بالجمعة السوداء لوصف تلك الفوضى والازدحامات في حركة المرور من مشاة وسيارات.

يشاع أيضاً أن له مدلولا في التجارة والمُحاسبة، حيث يدل على الربح والتخلص من الموجود في المستودعات، بينما يعبر اللون الأحمر على الخسارة والعجز أو تكدس البضاعة وكساد العمل.

والمرجح هو استخدام الحبر الأسود لتسجيل الأرباح والحبر الأحمر لتسجيل الخسائر في دفتر حسابات الأرباح والخسائر اليومية الأمريكية، وكنتيجة لتحقيق أرباح كبيرة في ذلك اليوم حيث تمتلئ الدفاتر باللون الأسود تم تسمية يوم الجمعة بالجمعة السوداء" انتهى


ثانيا: حكم الاستفادة من عروض ما يسمى بالجمعة السوداء 

لا حرج في شراء السلع في هذا اليوم ، والاستفادة من العروض والتخفيضات التي تمنح فيه، ولو كان هذا مرتبطا بعيد الشكر، أو تابعا له، أو تتم فيه التخفيضات لشراء هدايا أعياد الميلاد، ما دام المشتري يشتري المباح، ولا يشتري ما يستعان به على الاحتفال بأعياد الميلاد من هدايا أو غيرها.

وقد تقدم في جواب السؤال رقم : (145676) جواز شراء السلع في موسم الكريسماس؛ للانتفاع بتخفيضات الأسعار.


ثالثا: تخصيص أصحاب المحلات هذا اليوم بالتخفيضات 

ليس لدينا جمعة سوداء، ولا جمعة بيضاء، وعلى المسلم أن يجتنب تقليد الكفار والتشبه بهم، وأن يحذر الإسراف والتبذير، وألا تحمله العروض والتخفيضات على إضاعة المال فيما لا يحتاجه.

وليس لأصحاب المحلات أن يخصوا هذا اليوم بالتخفيض، لما فيه من تقليد الكفار والتشبه بهم، بل يجري هذا اليوم كغيره من الأيام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:  مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ  رواه أبو داود (4031)، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود".

وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التشبه بهم في أمور من العادات، كما روى مسلم (2077) عن عَبْد اللهِ بْن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ، فَقَالَ:  إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلَا تَلْبَسْهَا .

وعن حذيفة بن اليمان: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:  لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَلَا الدِّيبَاجَ، وَلَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَنَا فِي الْآخِرَةِ  رواه البخاري (5426)، ومسلم (2967).

وروى أحمد (22283) عن أُمَامَةَ قال: " خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَشْيَخَةٍ مِنَ الْأَنْصَارٍ بِيضٌ لِحَاهُمْ فَقَالَ:  يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ حَمِّرُوا وَصَفِّرُوا، وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ   قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَتَسَرْوَلَونَ وَلْا يَأْتَزِرُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  تَسَرْوَلُوا وَائْتَزِرُوا وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ   قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَتَخَفَّفُونَ وَلَا يَنْتَعِلُونَ. قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  فَتَخَفَّفُوا وَانْتَعِلُوا وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ  قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَقُصُّونَ عَثَانِينَهُمْ وَيُوَفِّرُونَ سِبَالَهُمْ. قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  قُصُّوا سِبَالَكُمْ وَوَفِّرُوا عَثَانِينَكُمْ وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ  .

و"عثانينهم": العثانين جمع عُثْنون، وهو اللحية.

"سبالهم": جمع سبلة بفتحتين، وهي الشارب.

وروى الترمذي (2659) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا، لَا تَشَبَّهُوا بِاليَهُودِ وَلَا بِالنَّصَارَى، فَإِنَّ تَسْلِيمَ اليَهُودِ الإِشَارَةُ بِالأَصَابِعِ، وَتَسْلِيمَ النَّصَارَى الإِشَارَةُ بِالأَكُفِّ  وحسنه الألباني.

فإذا كان الكفار ينتظرون هذا اليوم كل عام، ويخصونه بالتخفيضات والترويجات والتسمية، فليس لنا أن نتشبه بهم في ذلك في بيعنا وشرائنا، ونخص هذه اليوم بتخفيض أسعار البضائع في محلاتنا؛ لكن من وجد ذلك التخفيض من المشترين، فله أن يشتري ما يحتاج إليه منه ، كما سبق بيانه.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب