الحمد لله.
لا يسن صلاة ركعتين بعد السعي. وقد استحب الحنفية ذلك.
قال ابن الهمام رحمه الله: " إذا فرغ من السعي: يستحب له أن يدخل فيصلي ركعتين ، ليكون ختم السعي ، كختم الطواف، كما ثبت أن مبدأه بالاستلام كمبدئه ، عنه - عليه الصلاة والسلام -.
ولا حاجة إلى هذا القياس ، إذ فيه نص ، وهو ما روى المطلب بن أبي وداعة قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين فرغ من سعيه ، جاء، حتى إذا حاذى الركن ، فصلى ركعتين في حاشية المطاف، وليس بينه وبين الطائفين أحد . رواه أحمد وابن ماجه وابن حبان" . انتهى من "فتح القدير" (2/ 460).
والاستدلال بهذا الحديث خطأ من وجهين:
الأول: أن الرواية (حين فرغ من سُبُعه) وليس من (سعيه). والسبع: أي الطواف سبعا.
روى النسائي (2959) ، وابن ماجه (2985) عَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ، قَالَ: " رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ فَرَغَ مِنْ سُبُعِهِ، جَاءَ حَاشِيَةَ الْمَطَافِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّوَّافِينَ أَحَدٌ " .
وقد جاء مصرحا بلفظ الطواف عند ابن خزيمة (815) ، وابن حبان (2363) عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ قَالَ : " رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ، أَتَى حَاشِيَةَ الْمَطَافِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّوَّافِينَ أَحَدٌ ".
الثاني: أن الحديث ضعيف.
قال الألباني في "تمام المنة" ، ص303: " الحديث المذكور ضعيف ، لأنه من رواية كثير بن كثير بن المطلب ، وقد اختلف عليه في إسناده ، فقال ابن عيينة : عنه ، عن بعض أهله ، أنه سمع جده المطلب.
وقال ابن جريج: أخبرني كثير بن كثير، عن أبيه عن جده" انتهى.
وقال الأعظمي في تحقيق ابن خزيمة: " إسناده ضعيف ، ابن جريج مدلس وقد عنعنه ، وقد اختلف في إسناده اختلافا لا مجال الآن لبيانه" انتهى.
والحديث صححه شعيب الأرنؤوط في تحقيق ابن حبان.
والحاصل:
أنه لا يسن صلاة ركعتين بعد السعي، ولا يقاس السعي على الطواف في ذلك.
والله أعلم.
تعليق