السبت 11 شوّال 1445 - 20 ابريل 2024
العربية

حجية فهم القرون المفضلة

303525

تاريخ النشر : 21-12-2022

المشاهدات : 5829

السؤال

هل يكتفى بفهم الصحابة عن فهم عموم كلمة القرون الثلاثة؟ مع الدليل، فإن بعضهم يقول: الحجة فقط في الصحابة لحديث (ما أنا عليه وأصحابي)؟

الحمد لله.

أولًا:

القرون المفضلة

روى البخاري (2652)، ومسلم (2533) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ).
قال النووي رحمه الله:

"الصحيح: أن قرنه صلى الله عليه وسلم: الصحابة، والثاني: التابعون، والثالث: تابعوهم" انتهى من "شرح صحيح مسلم" (16/85).

ثانيًا:

أفضلية طبقة الصحابة عن سائر القرون 

لا شك أن لطبقة الصحابة النصيب الأعظم من الاتباع والاحتجاج.

ومن أشهر الأقوال في ذلك قولُ ابنِ مسعود -رضي الله عنه-: "إنَّ الله نظَرَ في قلوب العباد، فوجد قلبَ محمَّدٍ خيرَ قلوبِ العباد، فبَعَثه برسالته، ثمَّ نظر في قلوبِ العبادِ بعد قلبِ محمَّدٍ، فوجد قلوبَ أصحابه خيرَ قلوبِ العباد، فاختارهم لصُحبةِ نبيِّه ونُصرةِ دينه؛ فما رآه المسلمون حَسَنًا فهو عند الله حَسَنٌ، وما رآه المسلِمون قبيحًا فهو عند اللهِ قبيحٌ". أخرجه أحمد (3600).

وقال حذيفةُ بن اليَمان رضي الله عنه: "كلُّ عبادةٍ لم يتعبَّدْها أصحابُ محمَّدٍ رضي الله عنه فلا تَعبَّدوها؛ فإنَّ الأوَّلَ لم يدَعْ للآخِرِ مَقالًا؛ فاتَّقوا اللهَ يا مَعشرَ القُرَّاءِ، وخذوا بطريقِ من كان قبلَكم". أخرجه أبو شامة بمعناه في "الباعث على إنكار البدع" (ص16)، وآخره عند البخاري(6853).

وقال ابنُ عبَّاسٍ رضي الله عنه للخوارج: "أتيتُكم من عند أصحابِ النَّبيِّ رضي الله عنه: المهاجرينَ والأنصارِ، ومِن عند ابنِ عمِّ النَّبيِّ رضي الله عنه، وعليهم نزل القرآنُ؛ فهم أعلَمُ بتأويلِه منكم" أخرجه النسائي في "الكبرى" (8575)، والطبراني (10/313).

 ويقول الإمام أحمد: "أصولُ السُّنَّة عندنا: التمسُّك بما كان عليه أصحابُ رَسولِ الله -رضي الله عنه-، والاقتداءُ بهم". أصول السنة (ص2).

ثالثًا:

الفائدة من تخصيص التابعين وأتباعهم ضمن القرون المفضلة

إن ذكر النبي عليه الصلاة والسلام للتابعين وأتباعهم بعد الصحابة كما ترى في الحديث الأول: (خير الناس قرني)؛ دال على مزية لهاتين الطبقتين؛ فلو لم يكن لهما مزية ، لما كان ثم فرق بينهما وبين غيرهما يوجب ذكرهما.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وكل أحد يعلم أن عقول الصحابة والتابعين وتابعيهم: أكمل عقول الناس" انتهى من "درء تعارض العقل والنقل" (5/72).

ويقول: "الإنسان ينبغي له أن يعرف دين الإسلام الذي بعث الله به رسوله ، وما كان عليه الصحابة والتابعون وسلف الأمة" انتهى من "الصفدية" (2/332).

فإذا قال قائل: إن الأمر مخصوص بالصحابة فقط.

قلنا: فأي فائدة لذكر رسول الله للجيلين التاليين للصحابة إذن؟

والحق أن لهذين الجيلين ميزة المصدرية في الفهم، والحجية في الاستدلال؛ إذا أجمعوا، كما هو معلوم، وذلك بدلالة الحديث الذي صدرنا به الكلام.

ولأجل معنيين مهمين يتوفران في هذين الجيلين:

الأول: قلة انتشار البدعة والكذب في هذين الجيلين.

الثاني: أن هذين الجيلين يكشفان عما كان عليه الصحابة، فربما لا يُنقل لنا قول لابن عباس ، لكننا إذا رأينا أصحاب ابن عباس من التابعين مثل طاووس ومجاهد على قول ؛ غلب على الظن أنه كان قولًا لابن عباس. فكما أن اتفاق الصحابة يكشف عما كان عليه الأمر زمن رسول الله ، فكذلك اتفاق الصحابة والتابعين يكشف عما كان عليه الأمر زمن صحابة رسول الله.

وإن قيل: فما الفرق بين اتفاق التابعين وأتباعهم واتفاق من بعدهم؟

قلنا ثلاثة فروق:

الأول: سهولة انضباط اتفاقهم ، وقوة الظن بعدم المخالف.

الثاني: قرب عهدهم بزمن الصحابة ، ومعرفتهم بأقوالهم.

الثالث: كونهم عاصروا أصول البدع المغلظة ، مثل بدع الخوارج والرافضة والقدرية والمرجئة ؛ فكان اتفاقهم على نبذها أصلا له قوة لا توجد في اتفاق من بعدهم.

وانظر لمزيد فائدة جواب الأسئلة التالية: (228826)، (258157).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب