الخميس 16 شوّال 1445 - 25 ابريل 2024
العربية

مقعد مبتلى بالتبول اللا إرادي كيف يتطهر ويصلي وهل يتيمم إن أصابته جنابة؟

السؤال

أنا قعيد ، والحمدلله ، ومصاب بالتبول اللاإرادي ، وبالتالي أتبول كثيراً ، ولا أستطيع تبديل ملابسي دائماً ، فأريد أنا أعرف كيف حالي بالنسبة للصلاة ؟ وهل أتوضأ أم أتيمم علماً بأني أستطيع أن أتوضأ؟ وكذلك أريد أن أعرف كيف أتعامل مع المني أو الذي إن خرج علماً بأني لا أستطيع الاغتسال إلا مرة أو مرتين في الأسبوع ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

نسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك، ويأجرك في مصابك.

ومن ابتلي بالتبول اللاإرادي، فإنه  يجب أن يستعمل ما يمنع انتشار البول، كلاصق أو حفاظة، ثم الوضوء لكل صلاة، فإن شق الوضوء لكل صلاة جاز الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، تقديما أو تأخيرا.

ولا يلزم تبديل الحفاظة، إن أحكم غلقها ، ولم يفرط في ذلك.

قال في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 120): "يلزم كل من دام حدثه من مستحاضة ، ومن به سلس بول ، أو مذي ، أو ريح : غسل المحل الملوث بالحدث ، لإزالته عنه، وتعصيبه: أي فعل ما يمنع الخارج ، حسب الإمكان، من حشو بقطن ، وشدّه بخرقة طاهرة ...

ولا يلزمه إعادتهما، أي: الغسل والعصب لكل صلاة، إن لم يفرّط ، لأن الحدث مع غلبته وقوته : لا يمكن التحرز منه ...

ويتوضأ مَنْ حدثه دائم لوقت كل صلاة ، إن خرج شيء" انتهى بتصرف واختصار.

ومن أهل العلم من ذهب إلى أن وضع العصابة أو الحفاظة ليس واجبا، وهو مذهب المالكية، ولك الأخذ به ، إن شق عليك استعمال الحفاظة .

قال الحطاب المالكي رحمه الله: " واستحب في المدونة أن يدرأ ذلك بخرقة. قال سند: ولا يجب ؛ لأنه يصلي بالخرقة وفيها النجاسة ، كما يصلي بثوبه.

قال سند: هل يستحب تبديل الخرقة؟ قال الإبياني: يستحب له ذلك عند الصلاة ، ويغسلها، وعلى قول سحنون: لا يستحب، وغسل الفرج أهون عليه من ذلك " انتهى من "مواهب الجليل" (1/ 143).

وبخصوص الصلاة، فإن شق عليك الطهارة ، وأداء كل صلاة في وقتها ، فلك الجمع بين كل صلاتين، فتصلي الظهر والعصر، بطهارة واحدة ، وهكذا تفعل في المغرب والعشاء .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (24/ 14): "ويجمع المريض والمستحاضة" انتهى.

فقد بان بهذا أن الأمر على هذا الترتيب:

1 - أن تتحفظ بقطن أو لاصق، ولا يلزم تجديده ، ولا غسل المحل لكل صلاة، ما دمت قد أحكمت الشد والعصب، لكن يلزمك الوضوء بعد دخول الوقت.

2 - أنه إذا شق عليك العصب، فلك الأخذ بقول المالكية في عدم وجوب ذلك.

3 - أن لك رخصة في الجمع بين الصلاتين.

ثانيا:

الواجب على من قدر على استعمال الماء أن يتوضأ، ولا يصح منه التيمم حينئذ، بل يلزمه استئجار من يوضئه، إن عجز عن الوضوء بنفسه ووجد أجرة من يوضئه.

قال في "كشاف القناع" (1/ 102) : " ( وإذا وجد الأقطع ونحوه ) كالأشل والمريض الذي لا يقدر أن يوضئ نفسه ( من يوضئه ) أو يغسله ( بأجرة المثل، وقدر عليها ، من غير إضرار ) بنفسه ، أو من تلزمه نفقته : ( لزمه ذلك ) ; لأنه في معنى الصحيح .

( وإن وجد من ييممه ، ولم يجد من يوضئه : لزمه ذلك ) ، كالصحيح يقدر على التيمم دون الوضوء .

( فإن لم يجد ) من يوضئه ، ولا من ييممه , بأن عجز عن الأجرة ، أو لم يقدر على من يستأجره : ( صلى على حسب حاله ) ، قال في المغني : لا أعلم فيه خلافا .

وكذا إن لم يجده إلا بزيادة عن أجرة مثله ، إلا أن تكون يسيرة ، على ما يأتي في التيمم .

( ولا إعادة عليه ) ، كفاقد الطهورين .

( واستنجاءٌ مثله ) أي : مثل الوضوء , فكما تقدم .

( وإن تبرع أحد بتطهيره : لزمه ذلك ) ... " انتهى .

وما دمت قادرا على الوضوء، فهذا هو الواجب عليك، ولا يصح التيمم.

ثالثا:

إذا وجب الغسل لاحتلام مثلا، ولم تقدر على الغسل بنفسك، ولم تجد من يغسلك مجانا ، أو بأجرة تقدر عليها : جاز التيمم للجنابة ، كما يعلم من النقل السابق.

ولا يجوز التهاون في هذا، بل تجتهد في فعل الغسل بنفسك، أو باستئجار من يغسلك إن لم تجد متبرعا، فإن عجزت عن ذلك، عدلت إلى التيمم ، حتى يتيسر لك الاغتسال ، فتغتسل .

وتغسيل غيرك لك، يكون بصب الماء عليك، مع ستر عورتك، وهي من السرة إلى الركبة.

وينظر جواب السؤال رقم : (101816) ، ورقم : (40204) .

وذهب بعض أهل العلم إلى أن من عجز عن الغسل، وقدر على الوضوء : تيمم للجنابة ، ثم توضأ ، ولا شك أن ذلك أحوط ، وأحسن ، خروجا من خلاف أهل العلم المعتبر في ذلك .

فإذا كنت تستطيع الوضوء ، ولا تستطيع الغسل ، كما في سؤالك ، فتيمم عن الجنابة ، ثم توضأ للصلاة .

قال شيخ الإسلام رحمه الله :

" وإذا أمكن الرجل والمرأة أن يتوضآ ، ويتيمما : فعلا .

فإن اقتصرا على التيمم : أجزأهما ، في إحدى الروايتين للعلماء.

ومذهب أبي حنيفة ومالك : لا يجمع بين طهارة الماء ، وطهارة التيمم - بين الأصل والبدل - بل إما هذا وإما هذا.

ومذهب الشافعي وأحمد: بل يغتسل بالماء ما أمكنه ، ويتيمم للباقي.

وإذا توضأ وتيمم ، فسواء قدم هذا أو هذا ؛ لكن تقديم الوضوء أحسن " انتهى من "مجموع الفتاوى" (21/453) .

وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

" عملت لي عملية جراحية في ظهري، وأنا أستطيع أن أتوضأ للصلاة بصعوبة، وقد احتلمت في إحدى الليالي، وأنا لا أستطيع الاستحمام حتى لا تتأثر الجروح من جراء العملية، فهل يكفيني التيمم، وهل لا بد أن أتوضأ بعد التيمم، أم ماذا أفعل والحالة هذه؟ أرجو إفتائي في ذلك . " .

فأجاب :

"الواجب على المسلم أن يتقي الله ما استطاع في جميع أحواله ، لقول الله سبحانه: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) [التغابن: 16] .

وقول النبي ﷺ: ( ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ) . متفق عليه.

 فإذا كان المريض لا يستطيع الوضوء والغسل : كفاه التيمم؛ لقول الله سبحانه: ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ الآية ) [المائدة:6].

والعاجز عن استعمال الوضوء أو الغسل : حكمه حكم من فقد الماء .

فإذا استطعت الوضوء دون الغسل : فتوضأ ، وتيمم للغسل، كما تقدم من قوله سبحانه: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) . [التغابن: 16] والله ولي التوفيق" انتهى.

http://bit.ly/2HmMe6k

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب