لا حرج في أكل البيض المسلوق في ماء نجس، ما دامت قشرة البيضة سليمة؛ لأنها تمنع دخول النجاسة إليها. وهذا مذهب الجمهور، خلافا للمالكية.
قال في "مطالب أولي النهى" (1/ 230): " (ومن بلع نحو لوز) كبندق (في قشره ثم قاءه) (ونحوه) ، بأن خرج من أي محل كان، (لم ينجس باطنه) ، لصلابة الحائل.
(كبيض سلق في خمر) أو نحوه من النجاسات، فلا ينجس باطنه ، لأن النجاسة لا تصل إليه" انتهى.
وقال في "مغني المحتاج" (6/ 156): "ولا يكره بيض سلق بماء نجس" انتهى.
وفي "الموسوعة الفقهية" (8/ 267): "إذا سلق البيض في ماء نجس : حل أكله عند الجمهور (الحنفية والشافعية والحنابلة ، وهو القول المرجوح عند المالكية) .
وفي الراجح عند المالكية : لا يحل أكله ، لنجاسته ، وتعذر تطهيره لسريان الماء النجس في مسامه" انتهى.
وعليه :
فإن كان الماء الذي يسلق فيه البيض قد تنجس بالخنزير أو غيره، فلا حرج في أكل البيض إذا كان قشره سليما.
ومما ينبغي أن يعلم : أنه لا يجوز استعمال الأواني التي تطبخ فيها النجاسات إلا بعد غسلها؛ لما روى البخاري (5478) ، ومسلم (1930) عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ قَالَ : " قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ؛ أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ ؟
قَالَ : إِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا ، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا فِيهَا .
وهذا محمول على من يستعمل الآنية منهم في النجاسات ؛ كما في رواية أبي داود لهذا الحديث (3839) : " إِنَّا نُجَاوِرُ أَهْلَ الْكِتَابِ ، وَهُمْ يَطْبُخُونَ فِي قُدُورِهِمْ الْخِنْزِيرَ ، وَيَشْرَبُونَ فِي آنِيَتِهِمْ الْخَمْرَ ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا ، فَكُلُوا فِيهَا وَاشْرَبُوا ، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا غَيْرَهَا فَارْحَضُوهَا بِالْمَاءِ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا .
قال الخطابي رحمه الله : " والأصل في هذا : أنه إذا كان معلوماً من حال المشركين أنهم يطبخون في قدورهم لحم الخنزير ، ويشربون في آنيتهم الخمور : فإنه لا يجوز استعمالها إلاّ بعد الغسل والتنظيف " انتهى من "معالم السنن" (4/ 257) .
والله أعلم.