الأربعاء 15 شوّال 1445 - 24 ابريل 2024
العربية

ما حكم أخذ الفحل دون إذن صاحبه وإنزائه على البهائم وهل يضمن لو تضرر الفحل؟

289152

تاريخ النشر : 30-05-2021

المشاهدات : 4058

السؤال

، بالإشارة إلى الفتاوى ذات الأرقام: (243350)، (150367)، (202324)، (212187)، ونحوها: فقد فَقِهْتُ أن أخذ الأجرة على عسب الفحل وضرابه لا يجوز، وأن ذلك من القبح بمكان، وليس من المروءة، وهو منهي عنه، ومحرم؛ لحديث جابر وابن عمر، وأن الممانعة في هبة الضراب مكروهة، كما أفاد الخطابي في معالم السنن إلا أن ما لم أجد له إجابة هو مسألة (الإذن)، فهل يجوز استعمال فحل الغير دون إذنه؛ بحجة أن أخذ الأجرة محرمة؟ أم إن الإذن مطلب شرعي؟ وإن حصل الضرب والحمل وتمام الولادة دون إذن المالك، فقد علمتُ من الفتاوى أن الحمل لصاحب الأنثى، لكن هل معنى ذلك أن مالك الفحل لا تحق له المطالبة بأي شيء، ولا حتى المطالبة الأخروية؟ فقد حصل معي - كوني مالك خيل فاخر- أن تم استعمال خيلي في الضرب، من دون علمي وإذني، وتمت العملية بنجاح، وما علمتُ إلا بعد بلوغ المولود، ولم أرتَضِ ذلك، لا لأجل رغبتي في أخذ الأجرة المنهي عنها، بل كون ذلك حصل غدراً بي، ودون علمي، وإذني، وكوني كنتُ أعدُّ خيلي لأجل الإكثار منه من إناث الخيل التي أملكها، وبذلك فوَّتوا علي حقي في الاستيلاد، وفي إبقاء قوة الحصان، والآن يقول السارقون لي: ليس لك عندنا شيء، فما الحكم في استعمال خيل مالك في الاستفادة من ضرابه دون إذن المالك؟ وما هو حقُّ المالك الآن؟

ملخص الجواب

من أخذ فحل غيره، وأنزاه على بهيمة له بغير إذن صاحبه، فهو ظالم لصاحب الفحل؛ لكن نتاج دابته له . فإن أدى ذلك إلى نقص في الفحل: ضمنه، وإذا لم يؤد إلى نقص فيه، فلا شيء عليه غير التوبة من الاعتداء على حق غيره. وينظر تفصيل ذلك في الجواب المطول

الحمد لله.

أولا:

حكم أخذ الإجرة على ضراب الفحل

يحرم أخذ الأجرة على ضراب الفحل أو عسْب الفحل ؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، سواء اشترط حمل البهيمة، أو لم يُشترط، لعموم النهي، ووجود العلة في الحالتين .

روى البخاري (2284) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : " نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ".

وروى مسلم (1565) عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قال : "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ ضِرَابِ الْجَمَلِ".

وينظر: جواب السؤال رقم : (150367).

ثانيا:

حكم استعمال فحل الغير بدون إذنه

لا يجوز استعمال فحل الغير إلا بإذنه؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم:  إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَ، لِيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ  رواه البخاري (67)، ومسلم (1679).

وقوله صلى الله عليه وسلم:  لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ  رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1459).

ولهذا أجاز الفقهاء أن يدفع الأجرة إذا لم يجد من يعطيه مجانا، ولم يقولوا: يحتال لأخذه أو يأخذه بغير إذن صاحبه.

قال في "كشاف القناع" (3/ 563): "(ولا يجوز استئجار الفحل للضراب) لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن عسب الفحل متفق عليه .

والعسب : إعطاء الكراء على الضراب، على أحد التفاسير.

ولأن المقصود الماء، وهو محرم لا قيمة له، فلم يجز أخذ العوض عنه، كالميتة .

(فإن احتاج) إنسان (إلى ذلك ، ولم يجد من يُطْرِق له) دابته مجانا: (جاز له) -أي لرب الدابة- (أن يبذل الكراء) ؛ لأنه بذل لتحصيل منفعة مباحة تدعو الحاجة إليها، فجاز ، (كشراء الأسير، ورشوة الظالم ليدفع ظلمه.

ويحرم على المطرِق) - وهو رب الفحل - : (أخذه) ؛ أي العوض ، للنهي السابق .

(وإن أطرق إنسان فحله بغير إجارة ولا شرط ، فأهديت له هدية، أو أكرم بكرامة لذلك: فلا بأس) ؛ لأنه فعل معروفا ، فجازت مجازاته عليه ...

قال الشيخ تقي الدين: فلو أنزاه على فرسه، فنقص : ضمن النقص، قاله في المبدع" انتهى. أي أنزاه بغير إذنه كما سيأتي.

ثالثا:

حكم من استعمل فحل غيره في تلقيح بهيمة بغير إذنه

من أخذ فحل غيره، وأنزاه على بهيمة له بغير إذن صاحبه، فهو ظالم لصاحب الفحل؛ لكن نتاج دابته له .

فإن أدى ذلك إلى نقص في الفحل: ضمنه، وإذا لم يؤد إلى نقص فيه، فلا شيء عليه غير التوبة من الاعتداء على حق غيره.

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "عن رجل له بهائم حلال وأنزى عليها فحل حرام. فهل في نتاجهم شبهة؟

فأجاب: إذا أنزى على بهائمه فحل غيره : فالنتاج له.

ولكن إذا كان ظالما في الإنزاء، بحيث يضر بالفحل المنزى: فعليه ضمان ما نقص لصاحبه، فإن لم يعرف صاحبه تصدق بقيمة نقصه.

وأما إن كان لا يضره: فلا قيمة له؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن عسب الفحل" انتهى من "مجموع الفتاوى" (30/ 320).

وعليه:

فإن كان فحلك قد تضرر ، فلك التعويض عن ذلك بما يقدره أهل الخبرة.

وإذا كان لم يتضرر فلا شيء لك، وعليهم التوبة.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب