الخميس 9 شوّال 1445 - 18 ابريل 2024
العربية

شك في تكبيرة الإحرام فأعادها، فهل تبطل صلاة المأمومين خلفه؟

السؤال

كنت إماما وصليت بالناس وعندما كبرت تكبيرة الإحرام شككت في صحة النطق بها، فأعدتها سرا، ولم يعلم المأمومون، وأكملنا الصلاة على ذلك بنية أني إمامهم، فهل صلاتهم باطلة، وهل علي أن أجمعهم وأعلمهم بهذا، وهذا ليس بمقدوري فلست أعرفهم كلهم

الحمد لله.

أولا:

تكبيرة الإحرام ركن في الصلاة

تكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة ، لا تسقط بالنسيان ولا بالجهل ، ولا يقوم غيرها مقامها ، فمن تذكر في صلاته أنه نسي تكبيرة الإحرام ، أو شك في الإتيان بها ، لزمه أن يستأنف الصلاة، كما بيناه في جواب السؤال رقم (69853).

وأما الشك في صحة النطق بها فإن كان ناشئا عن وسوسة : فينبغي الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها.

ثانيا:

من أعاد تكبيرة الإحرام

من أعاد تكبيرة الإحرام، فقد أبطل صلاته الأولى، وصار المأمومون بذلك سابقين له في تكبيرة الإحرام ، باعتبار صلاته الثانية التي اقتدوا بها، وهذا السبق مغتفر للعذر، كما نبه عليه بعض أهل العلم.

قال البجيرمي في حاشيته على الخطيب (2/14): " قوله: (وتأخيرها عن تكبيرة الإمام) أي جميعها، فلو قارنه في جزء منها لم تصح القدوة ولا تنعقد صلاته إلا في صورتين، فيجوز فيهما تقدم تحرُّم المأموم على الإمام:

ما لو أحرم منفردا وأدخل نفسه في الجماعة.

الثانية: لو أحرم الإمام وأحرم القوم خلفه، ثم شك في نيته هو، أعاد التكبيرة مع النية بحيث يسمع نفسه ويستمر على الإمامة" انتهى.

وقال الجَمَل رحمه الله في "حاشيته على شرح المنهج" (1/567) : " قال الزركشي: سُئل الحناطي عن رجل أحرم بالقوم ، ثم أعاد التكبير خُفْية لنفسه، ولم يُشعر القوم بذلك بعد أن كبروا ؟

فقال : تصح صلاة المأمومين في أصح الوجهين" . انتهى .

ومذهب الأحناف أوسع من ذلك : يرون أنه لا يزال في صلاة ، وأن تكبيرته الثانية : ليست قطعا لصلاته ، ولا لحكم تكبيرته الأولى :

ففي كتاب "الأصل" لمحمد بن الحسن الشيباني: "أرأيت رجلاً افتتح الصلاة فقرأ، ثم شك فلم يدر أكبر التكبيرة التي يفتتح بها الصلاة أم لا، فأعاد التكبير والقراءة، ثم علم أنه كان كبر؟

قال: يمضي في صلاته، وعليه سجدتا السهو...

قلت: ولا يكون تكبيره هذا قطعاً للصلاة ؟ قال: لا؛ ألا ترى أنه إنما ينويها ، ولا ينوي غيرها." انتهى، من "الأصل" (1/226) .

وقد يستدل على جواز تقدم تكبيرة المأموم بالإحرام على تكبيرة إمامه في مثل هذه الحالات الاستثنائية بحديث سَهْلِ  بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ، فَحَانَتِ الصَّلاَةُ، فَجَاءَ المُؤَذِّنُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: أَتُصَلِّي لِلنَّاسِ فَأُقِيمَ؟ قَالَ: نَعَمْ فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ فِي الصَّلاَةِ، فَتَخَلَّصَ حَتَّى وَقَفَ فِي الصَّفِّ، فَصَفَّقَ النَّاسُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لاَ يَلْتَفِتُ فِي صَلاَتِهِ، فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ التَّصْفِيقَ التَفَتَ، فَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنِ امْكُثْ مَكَانَكَ، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَدَيْهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ اسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى اسْتَوَى فِي الصَّفِّ، وَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى ... ) الحديث. رواه البخاري (684) ومسلم (421)

والحاصل :

أن صلاة المأمومين صحيحة ، ولا شيء عليك ، ولا عليهم .

لكن الواجب عليك الإعراض عن الوساوس ، وعدم الالتفات إليها ، فإنها توشك أن تفسد على العبد صلاته ، وأمره كله .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب