أولا :
المسلم مأمور باتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وترك الإحداث في الدين ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما أرسل إلا ليفصل لنا أمور ديننا ، فعلينا أن نتبع ما فصله لنا ولا نزيد عليه بأهوائنا .
ومن أعظم ما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته : أمر الصلاة ؛ فقد علم أصحابه ما شرع لهم في صلاته ، بفعله ، وبقوله ، وأمرهم أن يتبعوه ، ويتأسوا به . فعن مَالِك بن الحويرث ، قال : قال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي ) رواه البخاري (631) .  
ومن تمام الاتباع : أن نترك كل عمل لم يعمله النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته إذا كان السبب والداعي إليه موجودا في عهده صلى الله عليه وسلم ، ورغم ذلك لم يلتفت إليه .
أما إذا كان العمل الذي لم يعمله النبي صلى الله عليه وسلم لم يوجد سببه على عهده صلى الله عليه وسلم ، وإنما استجد بعد ذلك ، فلا حرج من فعله إذا دعت الحاجة إليه ، أو ترتب عليه تحصيل مصلحة ، أو دفع مفسدة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" إن الناس لا يحدثون شيئا إلا لأنهم يرونه مصلحة ، إذ لو اعتقدوه مفسدة لم يحدثوه ، فإنه لا يدعو إليه عقل ولا دين . 
فما رآه الناس مصلحة ، نُظِر في السبب المحوج إليه : 
فإن كان السبب المحوج إليه أمرا حدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم من غير تفريط منا ، فهنا قد يجوز إحداث ما تدعو الحاجة إليه . 
وكذلك إن كان المقتضي لفعله قائما على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكن تركه النبي صلى الله عليه وسلم لمعارض زال بموته .
وأما ما لم يحدث سبب يحوج إليه ، أو كان السبب المحوج إليه بعض ذنوب العباد ، فهنا لا يجوز الإحداث . 
فكل أمر يكون المقتضي لفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم موجودا ، لو كان مصلحة ، ولم يفعل : يعلم أنه ليس بمصلحة . 
وأما ما حدث المقتضي له بعد موته ، من غير معصية الخالق : فقد يكون مصلحة ".
انتهى من " اقتضاء الصراط المستقيم " (2 / 598) .  
وبناء على هذا :
فتنبيه الإمام للمصلين لوجود سجدة تلاوة في الصلاة ، لينتبهوا إلى موضعها : أمر لا أصل له في فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وعمل الأئمة من بعده .  
لكن ، بالنظر إلى حالات لجوء الأئمة إليه ، نجدها لا تخرج عن حالتين :
الحالة الأولى : أن يكون المسجد وصفوف المصلين كما في عهده صلى الله عليه وسلم بحيث كل صف يرى الصف الذي أمامه ، ولا توجد في المسجد جدر أو حواجز تمنع الرؤية .  
ففي هذه الحالة : يكفي أن كل صف يقتدي بالصف الذي أمامه ، كما وردت به السنة ، ولا يشرع للإمام أن ينبه المأمومين إلى موضع سجود التلاوة ، قبل الدخول في الصلاة ، لعدم الحاجة إليه .
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ : " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي أَصْحَابِهِ تَأَخُّرًا ، فَقَالَ لَهُمْ : ( تَقَدَّمُوا فَأْتَمُّوا بِي ، وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ ، لَا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمُ اللهُ ) رواه مسلم (438) .
الحالة الثانية : ما استجد في تصميم المساجد وكثرة الناس ، حيث توجد بعض الصفوف خلف جدر لا تمكنهم من رؤية الصفوف الأخرى ، أو اقتداء اللاحق بالسابق . 
أو يكون بعض المصلين يصلون خارج المسجد . 
أو يكون النساء في مكان منفصل تمامًا عن الرجال .  
ففي هذه الحالات ، وما يشبهها ، إذا خشي الإمام حصول اضطراب بين المصلين في الصلاة ، بسبب جهلهم بمواضع سجود التلاوة من القرآن الكريم : فنرجو ألا يكون عليه حرج في تنبيههم على موضع السجود ، قبل أن يشرع في صلاته .
والله أعلم .