الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

يخاف أن ينهى عما يظنه منكرا فيتبين أن فيه خلافا سائغا

224073

تاريخ النشر : 04-01-2015

المشاهدات : 9882

السؤال

,
أحيانا أجد أناسا يفعلون أشياء أعتقد أنها محرمة ، وأود نصحهم ولكني أقول في نفسي : ربما تكون المسألة فيها خلاف سائغ وأنا لا أعلم . فماذا أفعل في هذه الحالة . حيث إني أعتقد أن هذه الأشياء محرمة بناء على أخذي بقول عالم يقول بذلك ؟

الجواب

الحمد لله.

لا ينبغي أن تبادر إلى إنكار ما سمعت بتحريمه حتى تتحقق من عدم وجود الخلاف السائغ والمعتبر فيه ، والمنكرات قسمان :

القسم الأول : المنكرات الظاهرة التي يعلمها عامة المسلمين ، كالتفريط في الصلاة ، والكذب والظلم والغش والخيانة وأكل حقوق الناس ، فهذه المنكرات ينبغي لكل مسلم أن ينكرها .

القسم الثاني : المنكرات التي فيها شيء من الخفاء في حكمها أو اختلف فيها العلماء المجتهدون ، فهذه المنكرات لا يتكلم فيها إلا العلماء بحكمها وبأدلتها ومذاهب العلماء فيها .

قال النووي رحمه الله :

" إنما يأمر وينهى من كان عالما بما يأمر به وينهى عنه ، وذلك يختلف باختلاف الشيء ، فإن كان من الواجبات الظاهرة والمحرمات المشهورة ، كالصلاة ، والصيام ، والزنا ، والخمر ، ونحوها ، فكل المسلمين علماء بها .

وإن كان من دقائق الأفعال والأقوال ، ومما يتعلق بالاجتهاد ، لم يكن للعوام مدخل فيه ، ولا لهم إنكاره ، بل ذلك للعلماء .

ثم العلماء إنما ينكرون ما أجمع عليه ، أما المختلف فيه فلا إنكار فيه " انتهى من " شرح مسلم " (2/ 23)

وليس من الحكمة أن يتعجل الإنسان في الإنكار لمجرد قول عالم سمعه أو قرأه ، فقد يكون في المسألة خلاف بين العلماء ، وهناك أدلة أخرى لا يعلمها ، وقد يكون الصواب هو القول الآخر الذي لا يعلمه الآن .

والله عز وجل يقول : ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ) الإسراء/36.

وكثير من يتعجل في الإنكار إذا أكرمه الله بطلب العلم الشرعي والتوسع فيه ، تبين له فيما بعد أنه كثيرا ما كان ينكر ما ليس بمنكر ، ولذلك ذكر العلماء أنه لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من كان عالما بما يأمر به وينهى عنه .

قال الإمام سفيان الثوري : "لا يأمر بالمعروف ، ولا ينهى عن المنكر إلا من كان فيه خصال ثلاث :

رفيق بما يأمر ، رفيق بما ينهى .

عدل بما يأمر ، عدل بما ينهى .

عالم بما يأمر ، عالم بما ينهى " رواه أبوبكر الخلال في " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " (ص24).

وهذا مما يدخل في قول الله عز وجل : ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) يوسف/108.

قال ابن القيم رحمه الله :

" إذا كانت الدعوة إلى الله أشرف مقامات العبد وأجلها وأفضلها ، فهي لا تحصل إلا بالعلم الذي يدعو به وإليه ، بل لا بد في كمال الدعوة من البلوغ في العلم إلى أقصى حد يصل إليه السعي" انتهى من " مفتاح دار السعادة " (1/154) .

وإذا لم يلتزم المسلم بهذا وتكلم فيما لا يعلمه فإنه سيفسد وهو يظن أنه مصلح ، فقد ينهي الناس عن المعروف أو يأمرهم بمنكر أو يتسبب في نزاعات وخصومات بين المسلمين ، ولذلك قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : " من عمل بغير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح " رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (7/ 175).

والحاصل : أنه ينبغي أن تقتصر في نصحك على ما تعلمه ، وما لا تعلم فيه إلا قول عالم من العلماء فدعه حتى تتعلمه .

ولإفادة المزيد يرجى مراجعة الأرقام الآتية : (8294) ، (70491) ، (177830)

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب