الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

حكم أذان الصبي

221492

تاريخ النشر : 27-09-2014

المشاهدات : 63125

السؤال


هل هناك سن محدد للمؤذن ؟ أي : هل يمكن للأطفال دون سن الثانية عشرة أن يؤذنوا للصلاة ؟

الجواب

الحمد لله.


اتفق الفقهاء على أنَّ أذان الطفل غير المميِّز ( غير العاقل ) لا يَصِحُّ ولا يجزئ ؛ لأنَّه لا يُدْرِك ما يفعله ، ومن شروط صِحَّة الأذان : الإسلام والعقل والذُّكورة .

قال في " بدائع الصنائع" (1/ 150) : " وَأَمَّا أَذَانُ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ فَلَا يُجْزِئُ ، وَيُعَادُ ؛ لِأَنَّ مَا يَصْدُرُ لَا عَنْ عَقْلٍ لَا يُعْتَدُّ بِهِ ، كَصَوْتِ الطُّيُورِ" انتهى .

وقال ابن قدامة رحمه الله : " ولا نعلم فيه خلافًا " انتهى من " المغني " (1/300) .
وانظر : " الموسوعة الكويتية " (27/ 26 ، 2/ 367) .

ثم اختلفوا في صِحَّة أذان الصبي المُمَيِّز ( وهو مَن بلغ سبعًا إلى البلوغ ) ، فأجازَه جمهور العلماء ما دام يعقل الأذان ، وهو قول عطاء والشعبي وابن أبي ليلى وأبي ثَور ، واختارَه ابن المنذِر .
واحتجُّوا بما جاء عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ : " كَانَ عُمُومَتِي يَأْمُرُونَنِي أَنْ أُؤَذِّنَ لَهُمْ وَأَنَا غُلَامٌ لَمْ أَحْتَلِمْ ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ شَاهِدٌ، فلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ " .

قال ابن قدامة رحمه الله : " وَهَذَا مِمَّا يَظْهَرُ وَلَا يَخْفَى ، وَلَمْ يُنْكَرْ ؛ فَيَكُونُ إجْمَاعًا .
وَلِأَنَّهُ ذَكَرٌ تَصِحُّ صَلَاتُهُ ، فَاعْتُدَّ بِأَذَانِهِ ، كَالْعَدْلِ الْبَالِغِ " انتهى من " المغني " (1/300) ، وينظر : " الأوسط " لابن المنذر (3/41) ، و" المجموع " للنووي (3/100) ، و" الشرح الممتع " لابن عثيمين (2/ 72) .

وقال آخرون - وهو مذهب المالكية - : لَا يُعْتَدُّ بِأَذَانِ الصبي ، إلا إذا اعتمدَ على بالغ ؛ لأنَّ الأذان مشروع للإعلام ، ولا يحصل الإعلام بقول الصبي ؛ لأنَّه ممَّن لا يُقبَل خبرُه ولا روايته ، ولا يوثَق بقوله ، فقد لا يعرف متى تزول الشَّمس ، ومتى يكون ظلُّ كلِّ شيء مثله وغير ذلك .
وينظر : المراجع السابقة .

وفصَّل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في المسألة ، فقال : " والأشبه أنَّ الأذان الذي يُسْقِط الفرض عن أهل القرية ، ويُعتمَد في وقت الصلاة والصيام : لا يجوز أن يُباشِرَه صبيّ قولاً واحدًا ، ولا يُسْقِط الفرض ، ولا يُعتمَد في مواقيت العبادات .
وأما الأذان الذي يكون سُنَّة مؤكدة في مثل المساجد التي في المصر [ يعني : بحيث يؤذِّن مع الصبيِّ غيرُه ] ، ونحو ذلك ؛ فهذا فيه الروايتان ، والصحيح جوازه " انتهى من " الاختيارات الفقهية " (ص/37) .
وهو اختيار الشيخ ابن عثيمين ، قال رحمه الله : " وفَصَّلَ بعض العلماء ، فقال : إنْ أذَّنَ معه غيرهُ فلا بأس ، وإن لم يكن معه غيرُه فإِنَّه لا يُعتمد عليه ، إلا إذا كان عنده بالغ عاقل عارف بالوقت ينبِّهه عليه . وهذا هو الصَّواب". انتهى من "الشرح الممتع" لابن عثيمين (2/ 72) .

والأولى - على كل حال – أن يتولَّى الأذان رجل بالغ ، خروجًا من الخلاف ، ولأنَّه أوثق من الطِّفل المميِّز - بلا شكٍّ - ، وإلا فيعتمِد الصبيُّ على بالغ في الأذان .

جاء في " فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الثانية " (5/48) : " الأفضل والمستحب : أن يكون المؤذن بالًغا ؛ لأنه بالأذان يُخْبِر عن دخول مواقيت الصلاة ، ووقت طلوع الفجر وغروب الشمس في الصيام .
وأما أذان الصبي ، إذا كان مميِّزًا ، وكان يعتمد على بالغ ، أو كان يؤذِّن في مثل مساجد المدينة ، بحيث يؤذِّن غيرُه ؛ فالصحيح جواز ذلك ، وصِحَّة أذانه " انتهى .
على أنه ينبغي الانتباه إلى أنَّ المسجد إذا كان له مؤذِّن راتب ، لم يحق لأحد أن ينازعه حقَّه في الأذان ، أو يعتَدِي عليه، فيؤذِّن بدلاً منه ، إلا بإذنه .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب