أولا :
 روى النسائي (646) من طريق قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْكُوفِيِّ ، عَنِ  الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ ،  وَالْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ بِمَدِّ صَوْتِهِ وَيُصَدِّقُهُ مَنْ سَمِعَهُ مِنْ  رَطْبٍ وَيَابِسٍ ، وَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ صَلَّى مَعَهُ ) .  
قال ابن الملقن في " البدر  المنير " (3/ 385): " إسناده جيد " ، وصححه الألباني في " صحيح النسائي " . 
 لكن الحديث أعلَّه ابن رجب بقوله : " وأبو إسحاق هذا ، قال أحمد : ما أظنه السبيعي  . وذكر الترمذي في " العلل " أنه لا يعرف لقتادة سماعاً من أبي إسحاق الكوفي "  انتهى ، من " فتح الباري " - لابن رجب (5/ 226) . 
 وأعلّه - أيضا - من المعاصرين : الشيخ مُقِبل الوادعي ، رحمه الله في كتابه : "  أحاديث معلة ظاهرها الصحة " برقم (56) . 
 وقال محققو مسند الإمام أحمد ، ط الرسالة : " حديث صحيح دون قوله : " وله مثل أجر  من صلى معه " انتهى من "  حاشية المسند " (30/446) . 
قال السندي رحمه الله :
 " قَوْله : ( مَنْ صَلَّى مَعَهُ ) أَيْ : إِنْ كَانَ إِمَامًا ، أَوْ مَعَ إِمَامه  إِنْ كَانَ مُقْتَدِيًا بِإِمَامٍ آخَر، لِحُكْمِ الدَّلَالَة ، لَكِنَّ هَذَا  يَقْتَضِي أَنْ يُخَصّ بِمَنْ حَضَرَ بِأَذَانِهِ ، وَالْأَقْرَب الْعُمُوم ،  َخْصِيصًا لِلْمُؤَذِّنِ بِهَذَا الْفَضْل ، وَفَضْل اللَّه أَوْسَع ، وَاَللَّه  تَعَالَى أَعْلَم " انتهى من " حاشية السندي على سنن النسائي " (2/ 13) .  
ثانيا :
 روى أبو داود (524) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، أَنَّ رَجُلًا ، قَالَ :  يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْمُؤَذِّنِينَ يَفْضُلُونَنَا ، فَقَالَ : رَسُولُ  اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قُلْ كَمَا يَقُولُونَ فَإِذَا  انْتَهَيْتَ فَسَلْ تُعْطَهْ ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
 وروى الطبراني في " الكبير" (802) عن مُعَاوِيَةَ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ  صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (مَنْ سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ فَقَالَ  مِثْلَ مَا يَقُولُ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ) .
 قال المنذري رحمه الله :
 " رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن  الْحِجَازِيِّينَ ، لَكِن مَتنه حسن ، وشواهده كَثِيرَة " انتهى من " الترغيب  والترهيب " (1/ 115) .
 وضعفه الألباني في " ضعيف الترغيب والترهيب " (168) . 
وعلى فرض ثبوت هذا اللفظ ،  والحديث الذي قبله : فليس معناه : أن له مثل أجره سواء بسواء ، ولكن : من حيث أصل  الأجر ، فالمِثْلية لا تقتضي المساواة من كل وجه .
 قال المناوي رحمه الله :
 " (فله مثل أجره) أي فله أجر كما للمؤذن أجر ، ولا يلزم منه تساويهما في الكم  والكيف " انتهى من " فيض القدير " (6/ 155) . 
وهذا مثل قوله صلى الله عليه  وسلم لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : ( صُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ  ، فَإِنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ )  رواه البخاري (1976)،  ومسلم (1159) . 
 قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
 " قَوْله : ( مِثْل صِيَام الدَّهْر ) : يَقْتَضِي أَنَّ الْمِثْلِيَّةَ لَا  تَسْتَلْزِمُ التَّسَاوِي مِنْ كُلّ جِهَة لِأَنَّ الْمُرَاد بِهِ هُنَا : أَصْلُ  التَّضْعِيفِ ، دُونَ التَّضْعِيفِ الْحَاصِلِ مِنْ الْفِعْل , وَلَكِنْ يَصْدُقُ  عَلَى فَاعِل ذَلِكَ أَنَّهُ صَامَ الدَّهْر مَجَازًا " انتهى من " فتح الباري "  (4/ 220) . 
وروى الترمذي (2325) وصححه ،  عن أبي كَبْشَةَ الأَنَّمَارِيُّ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ  عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ ، عَبْدٍ  رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ ، وَيَصِلُ فِيهِ  رَحِمَهُ ، وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا ، فَهَذَا بِأَفْضَلِ المَنَازِلِ ،  وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا فَهُوَ صَادِقُ  النِّيَّةِ يَقُولُ : لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ  بِنِيَّتِهِ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ ... ) الحديث .
 قال ابن القيم رحمه الله في " عدة الصابرين " (ص 255) :  " قوله (وأجرهما سواء) فإن كلا منهما نوى خيرا وعمل ما يقدر عليه ، فالغنى  نواه ونفذه بعلمه ، والفقير العالم نواه ونفذه بلسانه ، فاستويا في الأجر من هذه  الجهة ، ولا يلزم من استوائهما في أصل الأجر، استواؤهما في كيفيته وتفاصيله ، فإن  الأجر على العمل والنية ، له مزية على الأجر على مجرد النية التي قارنها القول ،  ومن نوى الحج ولم يكن له مال يحج به ، وإن أثيب على ذلك ؛ فإن ثواب من باشر أعمال  الحج مع النيه : له مزية عليه " انتهى . 
وعلى ذلك : فلا يقال : " من  ردد الأذان خلف مؤذن الحرم كان له مثل أجر من صلى معه في الحرم " ، وإنما له مثل  أجر المؤذن من حيث أصل الأجر ، لا من حيث تضعيفه . 
 وهذا التخريج على فرض ثبوت الحديث ، وإلا فقد سبق الكلام في كلا اللفظين .  
راجع للفائدة إجابة السؤال رقم : (149053) .
والله أعلم .