الحمد لله.
" الْقَيْحُ : هو السائل اللزج الأصفر الذي يخرج من الجرح ونحوه لفساد فيه " .
انتهى من " معجم لغة الفقهاء " صـ373.
وَالصَّدِيدُ : هو ماء الجرح الرقيق المختلط بدم قبل أن يغلظ ويصير قيحاً .
ينظر: "طلبة الطلبة" صـ22 ، " الموسوعة الفقهية " (21/ 25).
فالصديد يكون في الجرح قبل القيح .
وحكم القيح والصديد : حكم
الدم ، عند جمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة وغيرهم من حيث النجاسة والعفو عن
يسيره ؛ لأن القيح والصديد في أصله دمٌ ، استحال إلى نتنٍ وفساد ، فإذا كان الدم
نجساً ، فالقيح أولى .
ينظر: " بدائع الصنائع" (1/60) ، " المجموع " (2/558) ، " القوانين الفقهية " صـ27.
فالقيح متولد من الدم ، والفرع يأخذ حكم أصله .
وقد سبق بيان نجاسة الدم في جواب السؤال : (114018)
.
جاء في " الموسوعة الفقهية "
(34/128) : " اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْقَيْحَ إِذَا خَرَجَ مِنْ
بَدَنِ الإنْسَانِ : فَهُوَ نَجِسٌ ؛ لأِنَّهُ مِنَ الْخَبَائِثِ ، قَال اللَّهُ
تَعَالَى : ( وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) ، وَالطِّبَاعُ السَّلِيمَةُ
تَسْتَخْبِثُهُ ، وَالتَّحْرِيمُ لاَ لِلاِحْتِرَامِ : دَلِيل النَّجَاسَةِ ؛
لأِنَّ مَعْنَى النَّجَاسَةِ مَوْجُودٌ فِي الْقَيْحِ ؛ إِذِ النَّجِسُ اسْمٌ
لِلْمُسْتَقْذَرِ ، وَهَذَا مِمَّا تَسْتَقْذِرُهُ الطِّبَاعُ السَّلِيمَةُ
لاِسْتِحَالَتِهِ إِلَى خَبَثٍ وَنَتْنِ رَائِحَةٍ ؛ وَلأِنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنَ
الدَّمِ ، وَالدَّمُ نَجِسٌ" انتهى .
قال ابن قدامة المقدسي : " وَالْقَيْحُ ، وَالصَّدِيدُ ، وَمَا تَوَلَّدَ مِنْ
الدَّمِ : بِمَنْزِلَتِهِ ، إلَّا أَنَّ أَحْمَدَ قَالَ : هُوَ أَسْهَلُ مِنْ
الدَّمِ .
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَالْحَسَنِ : أَنَّهُمَا لَمْ يَرَيَاهُ كَالدَّمِ .
وَقَالَ أَبُو مِجْلَزٍ ، فِي الصَّدِيدِ : إنَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ الدَّمَ
الْمَسْفُوحَ ".
انتهى من " المغني" (2/483).
وقال : " فَعَلَى هَذَا يُعْفَى مِنْهُ عَنْ أَكْثَرِ مِمَّا يُعْفَى عَنْ مِثْلِهِ
مِنْ الدَّمِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفْحُشُ مِنْهُ إلَّا أَكْثَرُ مِنْ الدَّمِ ،
وَلِأَنَّ هَذَا لَا نَصَّ فِيهِ ، وَإِنَّمَا ثَبَتَتْ النَّجَاسَةُ فِيهِ
لِأَنَّهُ مُسْتَحِيلٌ مِنْ الدَّمِ إلَى حَالٍ مُسْتَقْذَرَةٍ " انتهى من " المغني
" لابن قدامة (2/484).
وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله : الدم والقيح عندك سواء ، فقال : " لا ، الدم لم
يختلف الناس فيه ، والقيح قد اختلف الناس فيه ، وقال مرَّة : القيح والصديد عندي
أسهل من الدم " انتهى من " إغاثة اللهفان" (1/151) .
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية طهارة القيح والصديد ، وقال : " لا يجب غسل الثوب
والجسد من المِدَّة والقيح والصديد ، ولم يقم دليل على نجاسته " .
انتهى من " الاختيارات الفقهية " صـ 26.
ولا شك أن ما ذهب إليه جمهور العلماء أحوط وأبرأ للذمة ؛ إلا أن اليسير منه معفو
عنه ، لا سيما مع مشقة التحرز عنه ، وعموم البلوى به ، كما هو الغالب من حال المرضى
والمصابين .
والظاهر من الصورة المسؤول عنها : " بقعة " : أنها من هذا اليسير الذي لم يفحش قدره
.
وفي " فتاوى اللجنة الدائمة
" : " الدم والقيح والصديد يعفى عن اليسير منها إذا كان خروجاً من غير الفرج ؛ لأن
في الاحتراز من قليلها مشقة وحرج ".
انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (5/363) .
والله أعلم .
تعليق