الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

فعلت الفاحشة ثم تابت : فهل إذا تزوجها يكون له أجر من ستر مسلما ؟

201879

تاريخ النشر : 30-12-2013

المشاهدات : 99182

السؤال


أنا شاب من شباب المسلمين أنعم الله عليه بالالتزام والحفظ من الوقوع في الزنا - والحمد لله لأنه حفظني فهو الحافظ وحده - فالحمد لله الذي هداني لهذا وماكنت لأهتدي لولا أن هداني الله . أعجبتني بنت أحد الأقارب ، وسعيت للزواج منها ، فهي كثيرة الصلاة ودوماً مسبحتها في يدها كما أخبرتني أمي وأخواتي ، فسألتها بيني وبينها فقط في الهاتف إن كانت أخطأت في حياتها من قبل فقالت لا لم تخطئ ، وعندما حلفتها بالله أخبرتني بأنها زنت من قبل مرةُ واحدة زنا تام مع زميل لها كانت تحبه في الجامعة ، وندمت علي ذلك أشد الندم وتابت . قبل أن تخبرني لم تكن محجبة فأخبرتها بفضل الحجاب وطلبت منها أن تتحجب فتحجبت بفضل الله ، وأخبرتها أن الله يحب أن يراها متنقبة ، وأنا أيضاً ، فأخبرتني أنها أيضاً تتمني النقاب ؛ لأنها بفضل الله وجدت نفسها مرتاحة جداً في اللبس المحتشم ، وقالت لي إذا أنا مقدمُ للزاج منها فلا مانع لديها بأن الشيلة أي الملبس كلها تكون نقابات .

الأن بعد أن أخبرتني بزناها ، أخبرتني أيضاً أنها تابت توبة نصوحة لله ، وتتمني مني أن أتزوجها لأنني أعينها علي طاعة الله والقرب منه . ســــــــــــؤالي هو :

إذا تزوجتها هل لي أجر بمفهوم الستر ؟ أم إذا لم أخبر أحداً ولن أخبر فهذا هو الستر ؟

أنا لا أريد شئ من هذه الدنيا ، فقط هل لي أجر عند الله إذا تزوجتها ؟

وهل هذا هو مفهوم الستر في حديث ) من ستر مسلمُ في الدنيا ستره الله يوم القيامة ) ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
لا شك أن ستر المسلم الذي غلبته نفسه فوقع في المعصية ، فلم يجاهر بها ، وإنما بادر بالتوبة وأقبل عليها : من فضائل الأعمال ومحاسنها التي جاءت الشريعة بالحث عليها والترغيب فيها .
روى مسلم (2699) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .
قال النووي رحمه الله :
" السَّتْر الْمَنْدُوب إِلَيْهِ هُنَا : الْمُرَاد بِهِ السَّتْر عَلَى ذَوِي الْهَيْئَات وَنَحْوهمْ ، مِمَّنْ لَيْسَ هُوَ مَعْرُوفًا بِالْأَذَى وَالْفَسَاد ، فَأَمَّا الْمَعْرُوف بِذَلِكَ فَيُسْتَحَبّ أَلَّا يُسْتَر عَلَيْهِ , بَلْ تُرْفَع قَضِيَّته إِلَى وَلِيّ الْأَمْر ، إِنْ لَمْ يَخَفْ مِنْ ذَلِكَ مَفْسَدَة ; لِأَنَّ السَّتْر عَلَى هَذَا يُطْمِعهُ فِي الْإِيذَاء وَالْفَسَاد , وَانْتَهَاك الْحُرُمَات , وَجَسَارَة غَيْره عَلَى مِثْل فِعْله .
هَذَا كُلّه فِي سَتْر مَعْصِيَة وَقَعَتْ وَانْقَضَتْ , وَأَمَّا مَعْصِيَة رَآهُ عَلَيْهَا , وَهُوَ بَعْد مُتَلَبِّس بِهَا , فَتَجِب الْمُبَادَرَة بِإِنْكَارِهَا عَلَيْهِ , وَمَنْعه مِنْهَا عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ , وَلَا يَحِلّ تَأْخِيرهَا ، فَإِنْ عَجَزَ لَزِمَهُ رَفْعهَا إِلَى وَلِيّ الْأَمْر إِذَا لَمْ تَتَرَتَّب عَلَى ذَلِكَ مَفْسَدَة " انتهى .
وقال الشيخ ابن جبرين رحمه الله :
" من عمل ذنباً كالزنا، وشرب الخمر، وأخفى ذلك ، فالأولى نصحه وتحذيره ، فإن علم منه الندم والتوبة ، والصدق في ذلك ، فعليك الستر عليه ، فإن علم منه الكذب والتمادي في هذا الجزم ، سيما إذا كان ضرره متعدياً فلا يجوز الستر عليه " .
انتهى من "فتاوى الشيخ ابن جبرين" (10/ 11) بترقيم الشاملة .
ثانيا :
كل ما كان في معنى الستر على المسلم المستتر ، التائب من ذنبه ، غير المجاهر : من كتمان أمره عن الناس ، والذب عنه في غيبته ، والثناء عليه في المجالس ، وإحاطته بالنصح ، وحثه على فعل الصالحات ، وتصحيح التوبة وتجديدها : داخل في معنى الستر الوارد في الحديث المتقدم وما في معناه .

ولا شك أن زواجك بقريبتك - حيث تابت وأحسنت - تبتغي بذلك سترها وإعفافها: داخل في معنى الستر الوارد في الحديث ، وزواجك بها يستتبع ما هو دون ذلك من معاني الستر المندوب إليها ، وزيادة على ذلك : إعالتها ، وكفايتها ، والقيام على أمرها ، وإعفافها ، وقطع داعية النفوس عن التطلع إلى الحرام .

سئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله :
أنا شاب تزوجت بامرأة ، ولما دخلت بها لم أجدها بكرا ، فظلت تبكي بعدها، وسردت لي كثيراً من الحكايات عن هذا الموضوع التي تبرر فعلتها، فأخذت على نفسي عهداً أن أسترها أبغي الأجر والثواب من الله ، ولكن الآن أنا في حيرة من أمري .
هل ستلتزم بعد ما سترها الله ، أم تتمادى في أفعالها ؟
وهل هي صادقة معي أم لا ؟
وهل إذا طلقتها أكون قد ظلمتها ؟ وهل أخبر أهلها ؟
فأجاب :
" لك أن تسترها إذا رأيت أن كلامها مقنع ، وأنها ستكف عن فعلها، ولا تعود إلى فعل الفاحشة، وأن سترها فيه خير، فمن ستر مسلماً ستره الله ، ولعلك في إمساكها تعفها عن الحرام ، وتقوم بحاجتها، وتكون لك زوجة صالحة ، فإن ظهر لك أنها غير عفيفة ، ورأيت منها التطلع إلى الرجال ، والاتصالات المشبوهة ، والمكالمات والمعاكسات ، فالطلاق والفراق أولى بك ، حفاظاً على فراشك " .
انتهى من "فتاوى الشيخ ابن جبرين" (23/ 29) بترقيم الشاملة .

ويراجع جواب السؤال رقم :(118538) ، (117567) .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب