الحمد لله.
أولاً :
اختلف العلماء في حكم تكبيرات الانتقال ، وقول المصلي بين السجدتين : ( رب اغفر لي ) على قولين :
القول الأول : وهو مذهب الجمهور من الأحناف والمالكية والشافعية : أن تكبيرات الانتقال ، وقول المصلي بين السجدتين : ( رب اغفر لي ) من سنن الصلاة وليست من واجباتها .
القول الثاني : أنها من
واجبات الصلاة ، وهو مذهب الحنابلة .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (1/298) : " والمشهور عن أحمد أن تكبير الخفض والرفع ، وتسبيح الركوع والسجود ، وقول " سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد " ، وقول " رب اغفر لي " بين السجدتين ، والتشهد الأول – واجب ، وهو قول إسحاق وداود .
وعن أحمد أنه غير واجب ، وهو
قول أكثر الفقهاء ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُعَلِّمهُ المسيء في صلاته ،
ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة " ، ثم استدل ابن قدامة على الوجوب بعدة أدلة
:
1- أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به ، وأَمرُهُ للوجوب .
2- وفَعَلَهُ وقال : (
صَلُّوا كَمَا رَأَيتُمُونِي أُصَلِّي ) .
3- وقد روى أبو داود (856)
عن علي بن يحيى بن خلاد عن عمه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (لاَ تَتِمُّ
صَلاَةٌ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ حَتَّى يَتَوَضَّأَ.. إلى قوله.. ثُمَّ يَقُولُ :
اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ يَرْكَعُ ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود "
4- ولأن مواضع هذه الأذكار
أركان الصلاة ، فكان فيها ذكر واجب كالقيام .
وأما حديث المسيء في صلاته
فقد ذَكَرَ في الحديث الذي رويناه تعليمَه ذلك ، وهي زيادة يجب قبولها ، على أن
النبي صلى الله عليه وسلم لم يُعَلِّمهُ كُلَّ الواجبات ، بدليل أنه لم يُعَلِّمْهُ
التشهد ولا السلام ، ويحتمل أنه اقتصر على تعليمه ما رآه أساء فيه " انتهى .
وجاء في الموسوعة الفقهية (4/40) : " وفي الجلوس بين السجدتين يسن الاستغفار عند
الحنفية , والمالكية , والشافعية , وهو قول عن أحمد , والأصل في هذا ما روى حذيفة :
(أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يقول بين السجدتين : رب اغفر لي , رب
اغفر لي) ، وإنما لم يجب الاستغفار ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلمه المسيء
صلاته ، والمشهور عند الحنابلة أنه واجب ، وهو قول إسحاق وداود , وأقله مرة واحدة "
انتهى .
فالمسألة محل خلاف بين أهل
العلم ، والأقرب أن يقال : إن ما ذهب إليه الحنابلة من القول بالوجوب في مسألة
تكبيرات الانتقال أرجح ؛ وذلك للأدلة التي سبق ذكرها ، ولقوله عليه الصلاة والسلام
: (إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا) رواه
مسلم (411) .
وأما الدعاء بين السجدتين ، فمذهب الجمهور ، وهو القول بالاستحباب أرجح ؛ لعدم وجود
دليل صريح يدل على الوجوب .
وينظر للفائدة : سؤال رقم : (130981)
، (134965) .
ثانياً :
الأولى أن يدعو المصلي بين السجدتين بما ورد ، وأما الزيادة على الدعاء الوارد ، أو
الدعاء بغير ما ورد ، فالذي يظهر جوازه ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (176496).
والله أعلم
تعليق