السبت 11 شوّال 1445 - 20 ابريل 2024
العربية

حكم قيادة الدراجات الهوائية بالقفز والانحدار بها مع تعريض النفس للخطر

149181

تاريخ النشر : 08-07-2010

المشاهدات : 16637

السؤال

هل هناك حكم شرعي في ركوب الدراجات بطريقة خطيرة ؟ . أركب دراجة " bmx " في الحدائق ، والشوارع ، وأنا أعلم إذا قمت بأي خدعة أو أسأءت التوقيت في قيادة الدراجة فلربما يؤدي ذلك إلى الوقوع وإصابتي . هل هذ الأمر حرام ؛ لأني أعلم أنه يحرم على الشخص أن يقصد إيذاء بدنه ؟ . جزاكم الله خيراً

الجواب

الحمد لله.


أولاً:
ليَعلم المسلم أن عمره محدود ، وأن ما فات منه لا يستطيع إرجاعه ، وكل يوم يمر عليه فهو خطوة له إلى قبره ، والحياة فانية ولا شك ، والآخرة باقية ولا شك ، فليعمل العاقل لدار يبقى فيها ، ولا يتعلق بدار الفناء فإنه سرعان ما ينتقل عنها ، وليَعلم أن الله تعالى سائله عن عمُره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه .
عَنْ أَبِى بَرْزَةَ الأَسْلَمِىِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَا فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ ) .
رواه الترمذي ( 2417 ) وصححه .
قال ابن القيِّم – رحمه الله - :
وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة ، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم ، ومادة معيشته الضنك في العذاب الأليم ، وهو يمرّ أسرع من مرّ السحاب ، فما كان من وقته لله وبالله فهو حياته وعمره ، وغير ذلك ليس محسوباً في حياته وإن عاش فيه عاش عيش البهائم ، فإذا قطع وقته في الغفلة والشهوة والأماني الباطلة ، وكان خير ما قطعه به النوم والبطالة ، فموت هذا خير له من حياته .
" الجواب الكافي " ( ص 109 ) .

ثانياً:
الإسلام جاء بما يحفظ على الناس دينهم وعقلهم ومالهم وعرضهم وبدنهم ، وفي اللعب بالألعاب الخطرة – كالتفحيط بالسيارات واللعب بالدراجات الهوائية تلك الألعاب الخطرة – لا شك أن فيه تعريضاً للبدن بالتلف وللمال بالضياع ، فضلاً عن أن فيه ترويعاً للناس وتضييقاً عليهم في طريقهم وتشجيعاً لغيرهم أن يفعلوا فعلهم ، وكل هذه توجب القول بالتحريم لتلك الألعاب الخطرة والحركات الجنونية ، بتلك الدراجات الهوائية الوارد ذكر اسمها في السؤال ، وما يشبهها من ماركات أخرى . قال الله تعالى ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) البقرة/ 195.
وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنْ ( لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ ) رواه ابن ماجه ( 2314 ) ، وحسنه النووي وابن الصلاح وابن رجب – كما في " جامع العلوم والحكم " ( ص 304 ) – وحسَّنه الألباني في " صحيح ابن ماجه " .

قال علماء اللجنة الدائمة – في شرح الحديث - :
نهى النبي صلى الله عليه وسلم المكلَّف أن يضرَّ نفسه أو يضرّ غيره ، ففيه دلالة على منع الإنسان من التعدي على نفسه ، أو غيره .
وهذا الحديث وإن كان فيه مقال إلا أنه جاء من طرق يقوي بعضها بعضاً ، وله شواهد فينهض إلى درجة الحسن لغيره ، ويصلح للاستدلال به .
ونوصيك بمراجعة كتاب " جامع العلوم والحكم " للحافظ ابن رجب في شرح هذا الحديث .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 4 / 400 ) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
يكثر في بلادنا الشباب الذين همهم التفحيط والسرعة والتطعيس وإيذاء المسلمين ، ولذلك يحصل أحياناً - بل كثيراً - حوادث يحصل فيها وفيات ، فهل يعتبر هذا من الانتحار ؟ وما دور أولياء أولئك الشباب وتمكينهم من تلك السيارات ؟ ثم ما حكم ذلك الرجل هل يحل له أن يعفو عن كل من أساء إليه بحادث ونحوه ؟ .
فأجاب :
هذا ليس من الانتحار ؛ لأن الانتحار أن يقصد الإنسان قتل نفسه وهذا ما قصد .
لكن لا شك أنه من السفه ومجانبة الصواب ، ونصيحتي لأولياء أمور هؤلاء : أن يتقوا الله عز وجل ، وألا يمكنوا أولادهم من هذا الفعل الذي يجني عليهم أضراراً نفسيَّة ، وأضراراً مالية ، وعدواناً على الغير ، وليخش هؤلاء من زوال النعم ، فإن النعم إذا لم تشكر زالت ، رزقنا الله وإياكم شكر نعمته وحسن عبادته .
" اللقاء الشهري " ( 74 / السؤال 19 ) .

والخلاصة :
أن ما كان قيادة للدراجة الهوائية تلييناً للجسد ، وتقوية لعضلاته : فلا شيء فيه ، وما كان منه قيادة في المنحدرات وعلى التلال وفوق الأرصفة والجدران وفيه تعريض للنفس للخطر : فهو محرَّم ، ولا يحل لأحدٍ أن يقوم به ، ولا لولي الأمر أن يعين ابنه عليه .
قال الدكتور على حسين أمين يونس – وفقه الله - :
وبعض السباقاتِ تقامُ على الطرقِ الوعرة ِأو المنحدرات ِ... التي قدْ يُصَابُ فيِها اللاعبُ بإصابات ٍ نتيجة َ السقوط .
وهناكَ سباقاتٌ أو ألعابٌ استعراضيةٌ كالهبوطِ من تلة ٍ مرتفعة ٍ شديدة ِالانحدار ، باتجاه الأسفل ، أو القفز للأعلى على عبر منصتين متصلتين ، ولا تخلوا هذه الألعابُ الاستعراضيةُ من الإصابةِ ببعض الجروح أو الكسور ونحوها .
مشروعيتها :
يباح ٌ من هذه الألعاب ما عادَ على الجسد بالنَّفع والفائدة ، على أن تُجنبَ المحظوراتُ ، من مقامرة ٍ ونحوها ، ويكرهُ كراهة ً شديدة ً إطالةُ اللعب بها مما يضيعُ الوقت لمجرد اللهو ؛ لأن المسلم مستأمن على وقته ومسؤول عنه .
أما اللعب بها بصورة ٍخطيرة ٍ قد تلحق الإصابات أو الكسور ونحوها بالجسد : فهي محرمة ؛ لأن إلحاق الأذى بالنفس محرَّم ، وذلك مثل السير بسرعة ٍ عالية ٍ جدّاً على المنحدرات الشديدة ، أو الاستعراض بالنزول عن التلال شديدة الانحدار ، أو الاستعراض بالقفز على المنصاتِ المرتفعةٍ بصورةٍ خطرةٍ ، والله تعالى أعلم .
" الألعاب الرياضية أحكامها وضوابطها في الفقه الإسلامي " بإشراف الشيخ عمر الأشقر ، ( ص 233 ، 234 ) باختصار .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب