الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

لا تستطيع التهجد بسبب بكاء طفلتها فهل لها أجر

146871

تاريخ النشر : 04-04-2010

المشاهدات : 10661

السؤال

لدي طفلة رضيعة عمرها 18 شهراً ، وقد اعتدت قبل أن ألدها أن أقوم لصلاة التهجد ولكن الآن صعب الأمر، فكلما نهضت إلى الصلاة قامت من النوم وبكت وصرخت ، وتريدني أن أكون بجانبها. إن هذا الأمر يحدث معي يومياً ، حتى إنني أصبت بالإحباط ، وأتساءل : لماذا لا يساعدني الله في هذا ؟ هل هو غاضب مني ؟! مع أني أدعو وأذكر الله ، إلا أنني أجد راحة البال وطمأنينة النفس في التهجد . وزوجي لا يعينني في الأمر ؛ فهو بالكاد ينهض لصلاة الفجر. إنني أدعو الله أن يعينني على القيام في وقت الصلاة ، وبالفعل أنهض وأتوضأ ، ولكن لا أستطيع الصلاة للسبب المذكور أنفاً... فما العمل ؟

الجواب

الحمد لله.

قيام الليل من أجل الأعمال وأفضل القربات ، وحُق لمن فاته أن يحزن ويتألم ، لكن من صدق في نيته ، وعزم على القيام ، واتخذ له الأسباب ، ثم منعه مانع ، كبكاء الرضيعة وصراخها ، فإنه يرجى له أن ينال أجر القيام ، لحديث أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا ) رواه البخاري (2834) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : "  وَهُوَ فِي حَقّ مَنْ كَانَ يَعْمَل طَاعَة فَمَنَعَ مِنْهَا وَكَانَتْ نِيَّته لَوْلَا الْمَانِع أَنْ يَدُوم عَلَيْهَا ، كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ صَرِيحًا عِنْد أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيق الْعَوَّام بْن حَوْشَبٍ بِهَذَا الْإِسْنَاد فِي رِوَايَة هُشَيْمٍ , وَعِنْده فِي آخِره " كَأَصْلَح مَا كَانَ يَعْمَل وَهُوَ صَحِيح مُقِيم " وَوَقَعَ أَيْضًا فِي حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ مَرْفُوعًا " إِنَّ الْعَبْد إِذَا كَانَ عَلَى طَرِيقَة حَسَنَة مِنْ الْعِبَادَة ثُمَّ مَرِض قِيلَ لِلْمَلَكِ الْمُوَكَّل بِهِ اُكْتُبْ لَهُ مِثْل عَمَله إِذَا كَانَ طَلِيقًا حَتَّى أُطْلِقهُ أَوْ أَكْفِتهُ إِلَى " أَخْرَجَهُ عَبْد الرَّزَّاق وَأَحْمَد وَصَحَّحَهُ الْحَاكِم [وصححه الألباني ، ومحققو مسند أحمد] , وَلِأَحْمَد مِنْ حَدِيث أَنَس رَفَعَهُ " إِذَا اِبْتَلَى اللَّه الْعَبْد الْمُسْلِم بِبَلَاءٍ فِي جَسَده قَالَ اللَّه : اُكْتُبْ لَهُ صَالِح عَمَله الَّذِي كَانَ يَعْمَلهُ , فَإِنْ شَفَاهُ غَسَلَهُ وَطَهَّرَهُ , وَإِنْ قَبَضَهُ غَفَرَ لَهُ وَرَحِمه " [وحسنه الألباني ومحققو مسند أحمد] ... وَفِي حَدِيث عَائِشَة عِنْد النَّسَائِيِّ " مَا مِنْ اِمْرِئٍ تَكُون لَهُ صَلَاة مِنْ اللَّيْل يَغْلِبهُ عَلَيْهَا نَوْم أَوْ وَجَع إِلَّا كُتِبَ لَهُ أَجْر صَلَاته وَكَانَ نَوْمه عَلَيْهِ صَدَقَة " [وصححه الألباني] " انتهى ـ مختصرا ـ من "فتح الباري".

فإذا كان المعتاد لقيام الليل إذا غلبه النوم كتب له أجر صلاته ، فأولى ـ إن شاء الله ـ أن يكون ذلك لمن استيقظ ولم يتمكن من الصلاة لبكاء الطفل .

ولهذا نقول لأختنا الكريمة : أبشري وأمِّلي الفضل والأجر من الله تعالى ، وجددي النية كل ليلة ، واعزمي على القيام ، واتخذي له الأسباب ، فإن لم تتمكني من الصلاة لبكاء طفلتك فكوني ، على رجاء من حصول الأجر والثواب الكامل إن شاء الله .

وإذا كان زوجك لا يستطيع أن يقوم لصلاة الليل ، أو ليس له همة في ذلك : فبالإمكان أن ينام هو بجانب الطفلة عند قيامك للصلاة ، حتى تشعر بأن أحدا بجانبها .

وبإمكانك أن تضعيها على سرير صغير للأطفال بجانبك ، وأنت في الصلاة ، وتحركيه لها إذا بكت ، أو تضعي يدك عليها ، وأنت تصلين ، إن كان ذلك يسكتها .

وبإمكانك أن تصلي وأنت تحملينها ، إن قدرت على ذلك واقفة ، أو تصلي جالسة ، وأنت تحملينها ، إن قدرت على ذلك .

ومع الحرص وصدق الطلب من الله ، فإننا نرجو أن ييسر الله لك ما تحبين من الطاعات ، ويصرف عنك الشواغل.

ومن أدب المؤمن مع ربه : إحسان الظن به ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِي ) رواه البخاري (7405) ومسلم (2675) واللفظ له .

فظني خيرا بربك أنه مثيبك ومعطيك ، وأنه سيهدي لك طفلتك ، ويعينك على قيام الليل ، لا أنه غاضب عليك أو صارف لك عن شرف القيام بين يديه .

نسأل الله تعالى أن يزيدك حبا في القيام والتهجد وأن يعينك على ذلك .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب