الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

إذا ترك صلاة الفجر عمدا هل يترتب عليه شيء ؟

114426

تاريخ النشر : 30-03-2008

المشاهدات : 167403

السؤال

أنا شاب ولله الحمد عقدت عقد الزواج ، ولم أبن بزوجتي ، والحمد لله حريص على أداء الصلاة في أوقاتها ، السؤال هو أنني أصبحت يوما لصلاة الفجر ، فوجدت نفسي محتلما ، فأكملت نومي ولم أصل حتى خرج وقت الصبح وطلعت الشمس ، فاغتسلت ، وصليت ، فهل بذلك أكون قد تركت الصلاة متعمدا ، وخرجت من الملة ، وما حكم عقدي بزوجتي هل ما زالت زوجتي ، أم أصبحت طالقا ، إذا ترتب على تركي لصلاة ( الفجر فقط ) الخروج من الملة ؛ لأني قرأت أن بعض العلماء من السلف كالإمام أحمد رحمه الله والخلف قالوا أن ترك صلاة واحدة يخرج من الملة ، ومنهم الشيخ ابن باز رحمه الله . أرجو الإفادة لحالتي لحساسية الموضوع ، ولشكي في عقد زواجي . وجزاكم الله كل خير .

الجواب

الحمد لله.


نسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياك على طاعته ، وأن يجعل صلاتنا وعبادتنا خالصة لوجهه الكريم .
ونشكر لك حرصك وورعك وخوفك من أمر هو في دين الله عظيم ، والمسلم دائم الحذر والمراقبة والمراجعة ، يخشى أن يعذبه الله بذنبه ، فيحرص على التوبة والإنابة والاستغفار.
ونذكرك أخانا السائل أن المسلم الذي ينام عن الصلاة عن غير قصد بعد أن اتخذ الأسباب العادية للاستيقاظ ، ولكن لم تفلح هذه الأسباب في إيقاظه ، فهذا لا إثم ولا حرج عليه .
أما الذي يستيقط ويعي ما حوله ، ويعلم أن وقت الصلاة قد دخل ، ثم يتعمد استكمال النوم ناويا الاستمرار حتى خروج وقتها فقد وقع في إثم عظيم وذنب كبير يقتضي المسارعة إلى التوبة والندم ، ويكفيه إثما وخطرا أن العلماء قد اختلفوا في كفره على قولين .
فقد اختلف أهل العلم – من القائلين بتكفير تارك الصلاة - في صفة الترك الذي يستوجب الكفر :
فقال بعضهم : هو مطلق الترك ، فلو ترك صلاة واحدة متعمدا من غير عذر حتى خرج وقتها كفر ، وهو قول إسحاق بن راهويه وغيره ، واختيار اللجنة الدائمة ، والشيخ عبد العزيز بن باز رحمهم الله من المعاصرين .
انظر: "فتاوى اللجنة الدائمة" (5/41)، و"مجموع فتاوى ابن باز" (29/179)
وقال بعض أهل العلم : إن الذي ينطبق عليه حكم الكفر ، هو الذي يترك الصلاة تركا مطلقا ، وأما من يصلي حينا ، ويترك الصلاة حينا ، فهذا لا يكفر الكفر المخرج من الملة ، وإن كان مع قد أتى بابا عظيما من أبواب الإثم .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" إن كثيراً من الناس ، بل أكثرهم ، في كثير من الأمصار ، لا يكونون محافظين على الصلوات الخمس ، ولا هم تاركيها بالجملة ، بل يصلون أحياناً ، ويدعون أحياناً ، فهؤلاء فيهم إيمان ونفاق ، وتجري عليهم أحكام الإسلام الظاهرة في المواريث ونحوها من الأحكام " انتهى. "مجموع الفتاوى" (7/617) .
على أن الذي لا خلاف فيه بين أهل العلم ، أن من ترك صلاة واحدة ، الفجر أو ما سواها ، حتى يخرج وقتها ، فقد أتى بابا عظيما من الإثم ، أعظم من السرقة وشرب الخمر والزنا ، فإما هو فاسق من شر فساق أهل الملة ، حتى يتوب ويرجع عن ترك صلاته ، أو هو كافر ، كما ذهب إليه كثير من أهل العلم ، بل هو المحكي عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فالنصيحة للأخ السائل ولجميع إخواننا المسلمين أن نتسابق في الحرص على أداء الصلوات ، وعدم التهاون في تركها ، فهي عمود الدين ، مَن ضَيَّعها فهو لما سواها أضيَع ، فإذا قَصَّر المسلم في أداء هذا الواجب في بعض المرات فعليه أن يتوب إلى الله تعالى ويستغفره ، ويكثر من النوافل مع القضاء ، وليس عليه أن يجدد عقد زواجه ، فهو عقد صحيح باق إن شاء الله تعالى ، لا ينقضه ترك صلاة واحدة على الصحيح من أقوال أهل العلم .
وانظر جواب السؤال رقم : (10914) ، (52923) ، (83165)
وأما عقدك بقاؤك مع زوجتك ، وعقدك عليها ، فهو صحيح ، ولا تحتاج إلى عقد جديد ، إن شاء الله .
أما على مذهب من يرى أن تارك الصلاة لا يكفر ، فهو واضح .
وأما على مذهب من يرى كفر من ترك صلاة واحدة وردته ؛ فإن المرتد لا تبين منه امرأته إلا إذا انقضت عدتها ، وهو في ردته .
جاء في الموسوعة الفقهية : " قال الشّافعيّة : إذا ارتدّ أحد الزّوجين المسلمين فلا تقع الفرقة بينهما حتّى تمضي عدّة الزّوجة قبل أن يتوب ويرجع إلى الإسلام ، فإذا انقضت بانت منه ، وبينونتها منه فسخ لا طلاق ، وإن عاد إلى الإسلام قبل انقضائها فهي امرأته"
وهذا القول هو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد . قال المرداوي : وهو المذهب ، وهو الصحيح . انظر : الإنصاف (8/215-216) ، تصحيح الفروع (249-250) .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : " الدوام أقوى من الابتداء ؛ ألا ترى أن العدة و الردة تمنع ابتداء عقد النكاح دون دوامه " . الصارم المسلول (1/273) .
بل اختار شيخ الإسلام رحمه الله بقاء النكاح ما لم تنكح زوجا غيره ، [ يعني : ولو بعد انقضاء العدة ] ؛ فإن كان الزوج هو المرتد ، فالأمر إليها ، ولا حكم له عليها ، ولا حق عليه ، لأن الشارع لم يستفصل ، وهو مصلحة محضة ، وكذا إن كانت الزوجة هي التي ارتدت ، وليس له حبسها ، وأنها متى أسلمت فهي امرأته ، إن اختار .
انظر : الفروع لابن مفلح (5/246-250) ، الإنصاف للمرداوي (8/213، 216) .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله ، في امرأة زوجها لا يصلي ، ويفعل المحرمات :
" وتمتنعين من أن يقربك بجماع وغيره ، حتى يتوب إلى الله وحتى يدع عمله السيئ ، ولا سيما ترك الصلاة ، فإذا تاب إلى الله وصلى ، فلا مانع " .
مجموع فتاوى ومقالات الشيخ عبد العزيز بن باز (10/255-256) .
والله أعلم .



 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب