وعد الله تعالى كل من أطاعه بالثواب والأجر الجزيل في الدنيا والآخرة ، والله تعالى  لا يخلف الميعاد . 
 قال تعالى : ( رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا  يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ) آل عمران/ 194  ، وقال : ( لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا  غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لا  يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ ) الزمر/ 20 . 
 وقال تعالى : ( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ  يَحْزَنُونَ . الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ . لَهُمُ الْبُشْرَى فِي  الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ  هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) يونس/ 62 – 64 .
 فكل من أطاع الله تعالى ، وكان مخلصاً في عبادته ، متبعاً للرسول صلى الله عليه  وسلم فيها ، فهو مأجور من الله تعالى على تلك الطاعة . 
 ولا يمكننا الجزم لشخص معين بأن الله تعالى قد أثابه على تلك الطاعة لأننا لا نطلع  على ما في القلوب ، ولا ندري هل كان مخلصاً لله تعالى فيها ، أم فعلها لغير الله . 
 فهناك فرق بين الكلام العام المطلق ، والكلام الخاص في حق شخص معين ، فالكلام العام  بأن (من أطاع الله أثابه) صحيح لا غبار عليه . 
 وأما إثبات الأجر في حق شخص معين ، فهو مما لا يمكن لنا الجزم به .
 ولكن ...هذه العبارة (انشر تؤجر) لا يظهر لنا أن فيها الجزم لشخص معين بحصول الأجر  ، وإنما فيها الترغيب في هذا العمل ، بأنك إذا فعلته كنت مأجوراً ، أي : إذا فعلته  وكنت مخلصاً فيه لله تعالى ، متبعاً فيه للرسول صلى الله عليه وسلم ، فهو كقول  الرسول صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ  مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا ) رواه مسلم ( 2674 ) .
 يعني : من دل غيره على الخير مخلصاً لله تعالى ، وحقق شروط العمل الصالح . 
 على أنه يمكن أن يقال : إن هذه العبارة "انشر تؤجر" المقصود منها الدعاء للشخص ،  وليس المقصود منها الجزم بحصول الأجر ، فهي كما لو قلت : نسأل الله تعالى أن يأجرك  إذا نشرت هذا الخبر .
 والحاصل : أنه لا حرج من تذييل الرسائل التي تدعو إلى الخير بهذه العبارة : "انشر  تؤجر" ففيها ترغيب للمؤمن في فعل الخير وتنشيط له ، وتذكير له بالإخلاص لله تعالى  حتى ينال الأجر من الله . 
 والذي ينبغي أن يُعلم أنه ليس كل رسالة قيل في آخرها : "انشر تؤجر" يكون مضمونها  خيراً. 
 فقد وجد من يذكر حديثاً ضعيفاً أو موضوعاً ، ثم يطلب نشره ، ويختم بعبارة " انشر  تؤجر " ! ووجد من يحث على بدعة ، ويختم رسالته بتلك العبارة ، ووجد من يحذِّر من  مسلم أو يطعن في عرض ، ويختم بتلك العبارة ، ووجد من يدعو للتصويت لصالح النبي صلى  الله عليه وسلم ، وختم بتلك العبارة ، وتبين أنها عملية احتيال لصالح شركة في بلاد  الكفر ! ، ووجد من يدعو للتبرع في حساب شخصية معروفة في عمل الخير ، ويختم بتلك  العبارة ، وتبيَّن أن الحساب لا يرجع لتلك الشخصية ، وأمثال هذه الرسائل كثير ،  فيجب التأكد من مضمون تلك الرسائل قبل نشرها وتذييلها بتلك العبارة . 
 وقد أجرت " مجلة الدعوة السعودية " تحقيقاً علميّاً حول رسائل " انشر تؤجر " ، ومما  جاء في ذلك التحقيق :
 " من جانبه يؤكد الشيخ " وليد بن عبد الرحمن المهوس " ، من منسوبي " هيئة التحقيق  والادعاء العام " أن ما يقع فيه بعض مستخدمي رسائل الهاتف الجوال هو تساهلهم في  إرسال الرسائل التي تحمل عبارات وعظية ، أو شرعية ، أو انتقاد لشخص ، أو جهة ما ،  دون تثبت من صحتها ، وهذا تفريط كبير يلحق صاحبه ، ويسبب البلبلة في المجتمع دون  وجه حق ، خاصة وأنه يختم رسالته بعبارة " انشر تؤجر " . 
 ويشدد الشيخ المهوس على ضرورة الالتزام بالضوابط في إرسال الرسائل ، ويذكر من  أبرزها : 
 1. لا بد من التأكد من صحة ما يُنشر ، بعضها يكون حديثاً ، أو أثراً ضعيفاً ، أو  موضوعاً ، وإذا نشر هذا الحديث الضعيف ، أو الموضوع : فقد يُخشى أن يدخل في حديث :  ( من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار) أخرجه البخاري ومسلم . 
 2. أنه قد ينشر بدعة وهو لا يدري ، والبدع تهدم الدين ، وهذا خطير جدّاً . 
 3. أنه قد يعمل بهذا الحديث أو الأثر ، ويترك ما يعارضه وهو صحيح ، فيكون قد استبدل  الذي هو أدنى بالذي هو خير ، فيترك الصحيح للعمل بالضعيف . 
 4. أن هذا المرسِل كالإمعة والببغاء يردد ما يأتيه بدون وعي ، ولا عقل ، فهذا يقدح  في عقل المسلم العاقل المدرك ؛ فإنه لا يقول شيئاً إلا بعد تمحيص وروَّية . 
 5. أن المطلوب من المسلم نشر الخير بعد ما يعلم به ، وأما الذي يرسل بلا عِلم : فقد  يرسل الشرَّ . 
 6. أن هذا المرسِل قد يظن أنه يزيد حسناته بذلك ، وهو بالعكس فقد يزيد من سيئاته ؛  لأنه نشر شيئاً بلا علم ، ومعرفة . 
 7. أن بعض الأعمال والأفكار قد تكون صحيحة ، ولكن قد لا يناسب المرسَل إليه ، أو  يفهمه فهماً خاطئاً ، وهذا من المحاذير " انتهى باختصار .
" مجلة الدعوة " ، العدد ( 2043 ) ، 20 ربيع الأول 1427هـ .
 والله أعلم