من أسباب إجابة الدعاء سؤال الله تعالى بذكر ربوبيته ، فهو سبحانه يحب من عباده  الاعتراف بالفقر والذل إليه ، فدعاء العبد بقوله : " يا رب " ، هو مما يحبه الله  ويرضاه .
 قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في كلام له عن أسباب إجابة الدعاء ، وذكر منها :
 " الإلحاح على الله عز وجل بتكرير ذكر ربوبيته ، وهو من أعظم ما يطلب به إجابة  الدعاء...ثم روي عن أبي الدرداء وابن عباس رضي الله عنهما كانا يقولان : اسم الله  الأكبر ( رب ، رب ) ، وعن عطاء قال : ما قال عبد : يا رب ! يا رب ! ثلاث مرات إلا  نظر الله إليه ، فذكر ذلك للحسن فقال : أما تقرؤون القرآن ، ثم تلا قوله تعالى : (  الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ  وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ  هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ . رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ  تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ .  رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا  بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا  سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ . رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا  وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا  تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ) آل عمران/191-194 .
ومن تأمل الأدعية المذكورة في القرآن وجدها غالبا تفتتح باسم الرب ،  كقوله تعالى : (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً  وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) البقرة/201 . (رَبَّنَا لَا  تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا  إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا  تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ) البقرة/286 .  وقوله : (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا) آلعمران/8 ، ومثل هذا في القرآن كثير ، وسئل مالك وسفيان عمن  يقول في الدعاء : يا سيدي ؟ فقال : ألا يقول : يا رب . زاد مالك : كما قالت  الأنبياء في دعائهم " انتهى .
"جامع العلوم والحكم" (ص106-107) .
 وقال المناوي رحمه الله :
 "من أسباب الإجابة ، بل من أعظمها : الإلحاح عليه تعالى ، والترامي على فضله وكرمه  وعظيم ربوبيته ونواله . وإنما يقول الداعي في جؤره : " يا رب يا رب " بأداة البعد ،  مع كونه أقرب إليه من حبل الوريد ، احتقارا لنفسه ، واستبعادا لها من مظان الزلفى  ومنازل المقربين ، هضما لنفسه ، وإقرارا عليها بالتفريط في جنب الله ، مع فرط  التهالك على استجابة دعوته . ذكره الزمخشري . وقد احتج بهذا الحديث مَن ذهب إلى أن  الاسم الأعظم هو "الرب" ." انتهى . 
"فيض القدير" (1/526) .
 غير أن الحديث المذكور في السؤال لا يصح ، وهو ما جاء عن عائشة رضي الله عنها أن  النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا قال العبد : يا رب . أربعا . قال الله تبارك  وتعالى : لبيك عبدي ، سل تعط ) .
 فقد رواه ابن أبي الدنيا في "الدعاء" ، وأبو الشيخ في "الثواب" – كما عزاه إليهما  السيوطي في "الجامع الكبير" - والبزار في مسنده – كما في "كشف الأستار" (4/41) - ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (51/165) ، والديلمي في "مسند  الفردوس" (1122) جميعهم من طريق يعقوب بن محمد الزهري عن الحكم بن سعيد الأموي عن  هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها به . 
 وقال البزار : لا نعلمه بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه . انتهى . 
 وهذا السند ضعيف ، فيه علتان :
 إحداهما : يعقوب بن محمد الزهري ، فقد قال فيه أبو زرعة : واهي الحديث . وقال أبو  حاتم : أدركته فلم أكتب عنه . ومما أُخذ عليه تحديثه عن الضعفاء . انظر ترجمته في "تهذيب التهذيب" (11/397) .
 الثانية : الحكم بن سعيد الأموي ، قال فيه البخاري : منكر الحديث . انظر  "ميزان الاعتدال" (1/570) .
 ولذلك قال الهيثمي عن هذا الحديث : " فيه الحكم بن سعيد الأموي وهو ضعيف "  انتهى .
"مجمع الزوائد" (10/159) .
 وقال الشيخ الألباني رحمه الله : "ضعيف جدا" انتهى . "السلسلة الضعيفة"  (2693) .
 والله أعلم .
  
حديث ضعيف في فضل الدعاء بـ يا رب يا رب
السؤال: 112158
أرغب في معرفة صحة الأحاديث الآتية :
روى ابن أبي الدنيا عن عائشة وأنس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا قال العبد : يا رب ! يا رب ! يا رب ! قال الله تعالى : لبيك عبدي ، سل تعط ) .
روى البزار عن عائشة رضي الله عنها : ( إذا قال العبد : يا رب ! أربعا ، قال الله تعالى : لبيك عبدي ، سل تعط ) .
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟