الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

التفسير العلمي لتحنيك المولود بالتمر

102906

تاريخ النشر : 09-08-2007

المشاهدات : 226901

السؤال

أردت فقط معرفة هل من أسباب علمية وراء تحنيك المولود بالتمر أو بشيء حلو عقب الولادة؟ وإذا لم تكن هناك فوائد علمية وراء ذلك فهل توجد أي فوائد أخرى لذلك؟

الجواب

الحمد لله.


تحنيك الطفل بالتمر بعد ولادته سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ففي صحيح البخاري (3619) عن أسماء رضي الله عنها ( أنها ولدت عبد الله بن الزبير فأتت به النبي صلى الله عليه وسلم فوضعته في حجره فحنكه بتمرة ، ثم دعا له وبرَّك عليه ) .
وروى البخاري أيضا (5045) عن أبي موسى رضي الله عنه قال : ( ولد لي غلام فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فسماه إبراهيم فحنكه بتمرة ودعا له بالبركة ) .
والشريعة جاءت بأحكام تنطوي على مصالح العباد في دنياهم وأخراهم ، لأنها الشريعة المنزلة من خالق هذا الإنسان ، العالم بما يصلحه ويفسده . والحكمة من وراء التشريع قد تظهر وقد لا تظهر، وقد يظهر بعضها دون بعض ، والمؤمن مأمور بالتسليم والإذعان لأحكام الله ، عَلِمَ الحكمة أم لم يعلمها ، لأن ذلك مقتضى إيمانه .
وأما الحكمة من التحنيك بالتمر، فقد كان العلماء قديما يرون أن هذه السنة فعلها النبي صلى الله عليه وسلم ليكون أول شيء يدخل جوف الطفل شيء حلو ، ولذا استحبوا أن يحنك بحلو إن لم يوجد التمر ، قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(9 /588) :
"والتحنيك مضغ الشيء ووضعه في فم الصبي ودلك حنكه به ، يصنع ذلك بالصبي ليتمرن على الأكل ، ويقوى عليه ، وينبغي عند التحنيك أن يفتح فاه حتى ينزل جوفه ، وأولاه التمر ، فإن لم يتيسر تمر فرطب ، وإلا فشيء حلو ، وعسل النحل أولى من غيره " انتهى .
ثم بمجيء العلم الحديث باكتشافاته تبين شيء جديد من الإعجاز العلمي الذي تحمله هذه السنة النبوية ، إذ تبين أن الطفل يحتاج إلى سكر الجلوكوز ، وقد يتعرض بسبب نقصه لآفات كبيرة ، وأن التمر خير مصدر لهذا .
ونحن نسوق لك هنا مختصرا مما قاله المختصون من الأطباء ، فقد كتب الدكتور محمد علي البار مقالا في مجلة الإعجاز العلمي العدد الرابع عن التفسير العلمي لتحنيك الطفل ، ومما جاء فيه :
" إن مستوى السكر " الجلوكوز" في الدم بالنسبة للمولودين حديثاً يكون منخفضاً ، وكلما كان وزن المولود أقل ، كان مستوى السكر منخفضاً .
وبالتالي فإن المواليد الخداج [وزنهم أقل من 2.5كجم] يكون منخفضاً جداً بحيث يكون في كثير من الأحيان أقل من 20 ملليجرام لكل 100 ملليلتر من الدم . وأما المواليد أكثر من 2.5 كجم فإن مستوى السكر لديهم يكون عادة فوق 30 ملليجرام .
ويعتبر هذا المستوى ( 20 أو 30 ملليجرام ) هبوطاً شديداً في مستوى سكر الدم ، ويؤدي ذلك إلى الأعراض الآتية :
1-أن يرفض المولود الرضاعة .
2-ارتخاء العضلات .
3-توقف متكرر في عملية التنفس وحصول ازرقاق الجسم .
4-اختلاجات ونوبات من التشنج .
وقد يؤدي ذلك إلى مضاعفات خطيرة مزمنة ، وهي :
1-تأخر في النمو .
2-تخلف عقلي .
3-الشلل الدماغي .
4- إصابة السمع أو البصر أو كليهما .
5- نوبات صرع متكررة ( تشنجات ) .
وإذا لم يتم علاج هذه الحالة في حينها قد تنتهي بالوفاة ، رغم أن علاجها سهل ميسور وهو إعطاء السكر الجلوكوز مذاباً في الماء إما بالفم أو بواسطة الوريد" انتهى .
ثم قال في مناقشة تحنيك النبي صلى الله عليه وسلم الطفل بالتمر :
"إن قيام الرسول صلى الله عليه وسلم بتحنيك الأطفال المواليد بالتمر بعد أن يأخذ التمرة في فيه ثم يحنكه بما ذاب من هذه التمرة بريقه الشريف فيه حكمة بالغة . فالتمر يحتوي على السكر " الجلوكوز " بكميات وافرة ، وخاصة بعد إذابته بالريق الذي يحتوي على أنزيمات خاصة تحول السكر الثنائي " السكروز " إلى سكر أحادي ، كما أن الريق ييسر إذابة هذه السكريات ، وبالتالي يمكن للطفل المولود أن يستفيد منها .
وبما أن معظم أو كل المواليد يحتاجون للسكر الجلوكوز بعد ولادتهم مباشرة ، فإن إعطاء المولود التمر المذاب يقي الطفل بإذن الله من مضاعفات نقص السكر الخطيرة التي ألمحنا إليها .
إن استحباب تحنيك المولود بالتمر هو علاج وقائي ذو أهمية بالغة وهو إعجاز طبي لم تكن البشرية تعرفه وتعرف مخاطر نقص السكر " الجلوكوز " في دم المولود .
وإن المولود ، وخاصة إذا كان خداجاً ، يحتاج دون ريب بعد ولادته مباشرة إلى أن يعطى محلولاً سكرياً . وقد دأبت مستشفيات الولادة والأطفال على إعطاء المولودين محلول الجلوكوز ليرضعه المولود بعد ولادته مباشرة ، ثم بعد ذلك تبدأ أمه بإرضاعه .
إن هذه الأحاديث الشريفة الواردة في تحنيك المولود تفتح آفاقاً مهمة جداً في وقاية الأطفال ، وخاصة الخداج " المبتسرين " من أمراض خطيرة جداً بسبب إصابتهم بنقص مستوى سكر الجلوكوز في دمائهم . وإن إعطاء المولود مادة سكرية مهضومة جاهزة هو الحل السليم والأمثل في مثل هذه الحالات . كما أنها توضح إعجازاً طبياً لم يكن معروفاً في زمنه صلى الله عليه وسلم ولا في الأزمنة التي تلته حتى اتضحت الحكمة من ذلك الإجراء في القرن العشرين" انتهى ما أردنا نقله من كلام الدكتور البار، وفيه إن شاء الله ما يكفي لبيان الإعجاز العلمي الذي تضمنته هذه السنة النبوية العظيمة .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب