من علامات الساعة الكبرى : طلوع الشمس من مغربها
كيف يمكن فهم الحديث " أن من علامات القيامة الكبرى ظهور الشمس من المغرب " ؟
الجواب
الحمد لله.
الشمس آية من آيات الله تعالى ، جعل لها مدارا تجري فيه ، ونظاما لا تخرج عنه ، فهي
تطلع من جهة المشرق كل يوم ، فإذا أذن الله تعالى بنهاية العالم ، وقيام الساعة
أمرها أن تطلع من جهة المغرب ، وحينئذ يؤمن الناس ويوقنون بأمر القيامة ، لكن لا
ينفعهم الإيمان في تلك اللحظة إلا من كان آمن من قبل .
قال الله تعالى : ( يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً
إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً
) الأنعام/158.
روى البخاري (4635) ومسلم (157) عن
أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ
مِنْ مَغْرِبِهَا ، فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا ، فَذَاكَ حِينَ
لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ ).
وقال تعالى في بيان سير الشمس وانضباطها بأمر الله : ( وَالشَّمْسُ تَجْرِي
لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) يّـس/38 .
وجاء في السنة تفسير ذلك ، فروى البخاري (3199) أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لِأَبِي ذَرٍّ حِينَ غَرَبَتْ الشَّمْسُ : أَتَدْرِي أَيْنَ
تَذْهَبُ ؟ فقال : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : ( فَإِنَّهَا تَذْهَبُ
حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ ، فَتَسْتَأْذِنَ ، فَيُؤْذَنُ لَهَا ، وَيُوشِكُ
أَنْ تَسْجُدَ فَلَا يُقْبَلَ مِنْهَا ، وَتَسْتَأْذِنَ فَلَا يُؤْذَنَ لَهَا ،
يُقَالُ لَهَا ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ ، فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا ،
فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى ( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ
تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) .
قال الطحاوي رحمه الله في عقيدته المشهورة : " ونؤمن بأشراط الساعة ، من خروج
الدجال ، ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام من السماء ، ونؤمن بطلوع الشمس من مغربها
" انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " وهكذا تسير الشمس والقمر في فلكيهما في انتظام
باهر وسير محكم ، كل يجري إلى أجل مسمى ، إلى أن يأذن الله بخراب هذا العالم ،
فتخرج الشمس من مغربها كما في صحيح البخاري عن أبي ذر ، ثم ذكر الحديث المتقدِّم .
وفي هذا الحديث دليل ظاهر على أن الشمس تسير بنفسها ، كما يدل على ذلك قوله تعالى :
( والشمس تجري لمستقر لها ) وقوله : ( كل يجري إلى أجل مسمى ) وقوله : ( وكل في فلك
يسبحون ) فهذه الأدلة تكذب ما يقال من أن الشمس ثابتة لا تدور ، وتدل على أنه قول
باطل يجب رده وتكذيبه " انتهى من "مجموع
فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (6/195) .
والحاصل أن من علامات قيام الساعة : أن تطلع الشمس من جهة المغرب ، بدلا من طلوعها
من جهة المشرق ، فإذا حدث ذلك دل على قرب قيام الساعة جدا ، وحينئذ لا ينفع الكافر
إيمانه .
والله أعلم .