الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

المقيم على المعصية وارتكاب الكبائر هل له أن يسأل الله أمرا دنيويا

95758

تاريخ النشر : 09-03-2007

المشاهدات : 10612

السؤال

هل يجوز للمسلم أن يسأل الله أمرا دنيويا وهو يعصي الله ويرتكب الكبائر ؟ علما أنه يعزم على التوبة ولكن يخاف أن تكون توبته لأجل هذا الغرض الدنيوي .

الجواب

الحمد لله.


الواجب على من يعصي الله تعالى ويرتكب الكبائر ، أن يبادر بالتوبة ، وأن يحذر التسويف والتأجيل ، فلربما فاجأه الأجل ، ونزلت به مصيبة الموت ، وأُغلق في وجهه باب التوبة ، فيبوء بالخسران ، كما قال سبحانه وتعالى : ( وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ) النساء/18 .
وما الذي يحول بينه وبين التوبة ؟ ولمَ الإصرار والتمادي والتردد والترقب ؟ ورب العالمين يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ، ويفرح بتوبة عبده ، ويقبلها منه ، ويثيبه عليها .
فهل يليق بالعبد المذنب أن يعرض ويتمادى ، وربه يبسط يده ؟
وهل يليق بالعبد المذنب أن يقول يارب يارب ، يسأل لعاعة من الدنيا ، ولسانه حاله يقول : لكني مصر على معصيتك يا رب ! فوالله لو استحينا من الله ، وعرفنا عظمة الله ، لما فعلنا ذلك .
وأما الخوف من أن تكون التوبة لأجل الأمر الدنيوي ، فهذا قد يكون من وسواس الشيطان ، ليستمر العبد في المعصية ، ويؤخر التوبة .
فالواجب هو التوبة ، وإخلاصها لله تعالى ، رجاء عفوه ومغفرته ، ثم يسأل العبد ربه ما أحب من خيري الدنيا والآخرة .
ومع ذلك نقول : لو استمر العبد في معصيته ، فلا يحرم عليه أن يسأل ربه ، ولو كان السؤال في أمر من أمور الدنيا ، وقد يعطيه الله تعالى سؤله ، فهو الكريم الجواد ، ولطالما أحسن إلى عبده مع تقصيره وتفريطه ، ولكن هذا السلوك لا يليق بالمؤمن المحب لله ، المعظّم له ، المدرك لخطر الذنوب والتمادي فيها . فإن المعاصي قد تكون سبباً للحرمان ، وعدم إجابة الدعاء .
ولهذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ ثم قال : فَأَنَّى يُسْتَجَابُ له ) رواه مسلم (1015).
نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين أجمعين .
والله أعلم .
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب