الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

تريد الهجرة إلى بلاد الإسلام دون محرم

السؤال

أنا فتاة مسلمة، أعيش في بلد كافرة لا تؤمن بالله وأريد أن أسافر لأعيش في بلد أحب أهلها كبلاد الحرمين ، أمي ستعارض ذلك ولكني أريد الهجرة إلى بلاد الحرمين لأعيش في مجتمع مسلم وأبتعد عن كل ما يغضب الله عز وجل. فهل يمكنني الهجرة بدون محرم؟ وهل يجوز لي ترك أمي وحدها في هذه البلاد الكافرة وهي لا ترغب في أن أتركها؟ فهي لا تريد مني أن أهاجر أو أن أصلي لله !!! ولا أعرف هل ستسافر أمي معي أم لا؟ أفيدوني أفادكم الله وجزاكم الله خيرا

الجواب

الحمد لله.


الأصل أنه لا يجوز للمرأة أن تسافر إلا مع محرم لها ، وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال (101520) ، (145413).
إلا أن العلماء استثنوا من ذلك : السفر الواجب المتعيِّن على المرأة ، كالهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام .
قال الإمام النووي :
" وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْرُج فِي غَيْر الْحَجّ وَالْعُمْرَة إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَم ، إِلَّا الْهِجْرَة مِنْ دَار الْحَرْب ، فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ عَلَيْهَا أَنْ تُهَاجِر مِنْهَا إِلَى دَار الْإِسْلَام وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مَحْرَم ، وَالْفَرْق بَيْنهمَا أَنَّ إِقَامَتهَا فِي دَار الْكُفْر حَرَام إِذَا لَمْ تَسْتَطِعْ إِظْهَار الدِّين ، وَتَخْشَى عَلَى دِينهَا وَنَفْسهَا ". انتهى من "شرح صحيح مسلم" (9/104)
وقال أبو العباس القرطبي :
" اتُفق على أنه يجب عليها أن تسافر مع غير ذي محرم إذا خافت على دينها ونفسها " انتهى من "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم " (11 /6).
وذلك " لأن القيام بأمر الدين واجب ، وما لا يتم الواجب إلا به واجب " ، قاله في "مطالب أولي النهى" (3/433) .
وبناء على ذلك فإن كنت غير قادرة على إقامة شعائر الإسلام في هذا البلد بحرية تامة ، أو تخشين على دينك ونفسك من الفتن ، فيلزمك الهجرة إلى بلد تأمنين فيها على دينك ونفسك ، ومصلحة الدين مقدمة على طاعة الوالدين ، كما قال تعالى : ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ، فَلَا تُطِعْهُمَا ، وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) [لقمان: 15] .
وأما إن كنت قادرة على إقامة شعائر الإسلام وتعيشين في هذه البلاد بأمان تام على نفسك ، فالهجرة في هذه الحال تكون مستحبة لا واجبة ، وينظر جواب السؤال (47672) ، (13363).
وحينئذ لا يجوز لك السفر في هذه الحال لسببين : عدم وجود المحرم ، وعدم إذن الأم بالسفر .
قال البهوتي :
" لَا يُسَافِرُ لِمُسْتَحَبٍّ إلَّا بِإِذْنِهِمَا ...؛ لِأَنَّ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ فَرْضُ عَيْنٍ ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُسْتَحَبِّ وَعَلَى فَرْضِ الْكِفَايَةِ ". انتهى من"كشاف القناع" (6/322).
وعليك بمعاملة والدتك بالحسنى ، والرفق بها ، عسى الله أن يهديها للطريق المستقيم على يديك ، وينظر جواب السؤال (103977) ، (27105).
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب