الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

قال لزوجته \" إن كنت تقصدين والدي بهذا الكلام فأنت لا تلزميني \" فهل يقع الطلاق بذلك

151059

تاريخ النشر : 13-08-2010

المشاهدات : 14119

السؤال

أنا فتاة مكتوب كتابي بدون دخول ، وقد تشاجرت اليوم مع زوجي ، لأنه كان يقترح أن يبيع الشقة التي سنتزوج بها ، لأنها لم تكتمل مرافقها بعد ، ويشتري أخرى ، وعندما طلبت منه أن يبلغ والدي بأي تغييرات رفض ، وتكلم بطريقة من وجهة نظره عادية ، ومن وجهة نظري تسيء لوالدي . فقلت له : حسبي الله ونعم الوكيل في اللي دخل موضوع بيع الشقة في دماغك ، وصراحة كنت أقصد والدته ، ولكن هو أخذ الكلام على والده ، وقال لي : إن والده معارض لبيع الشقة . قلت له : وأنا لا أقصد والدك . فقال : أنا لو كنت أتخيل إنك تقصدي والدي ، أو أنت تقصدي والدي ، يبقى أنتِ ما تلزميني . وكنا خارجين ، وكملنا الخرجة ، ولما عاتبته قال لي : وأنت فاكرة إنك ممكن تقصدي حد من أهلي وأسكت ؟ ومش فاكرة قال أيه تاني ، ومش فاكرة إذا كان كرر كلمة ما تلزمني لو كان قصدي حد من أهله ولا لأ ؟ هل هكذا وقع الطلاق ؟ وأرجو النصيحة منكم ؛ لأننا ، إحنا الاثنين عصبيين ، وما نفوت لبعض ، وأنا أعلم أنى مخطئة ، لكنه قام باستفزازي .

الجواب

الحمد لله.


أولا :
اللفظ المذكور ليس من ألفاظ الطلاق الصريحة ؛ بل هو من كنايات الطلاق ؛ ويرجع القول فيه إلى مراد الزوج ونيته ؛ فإن كان ينوي بذلك طلاقا : فإنه يكون طلاقا ، لكنه ـ أيضا ـ معلق على الشرط الذي ذكره ، وهو أن تكوني قد عنيت والده بكلامك .
وإن كان لم يقصد بذلك أن يطلقك ، فليس طلاقا ؛ لأن كنايات الطلاق لا يقع بها الطلاق إلا إذا نواها الزوج .
وهكذا لا يقع الطلاق إذا كان ينوي الطلاق بهذا اللفظ ، لكن علّقه على قصدك لوالده ، والواقع أنك لم تقصديه بل قصدت والدته .
لكن إن كان قال لك في المرة الثانية : إن كنت تقصدين أحدا من أهلي ، كما قال في المرة الأولى ، أو كلمة نحوها من كنايات الطلاق ، فقد تحقق الشرط الذي علق عليه كنايته ، ويقال في هذا ما سبق من أنه طلاق إذا كان نواه ، وليس طلاقا إذا لم ينو بلفظه ذلك الطلاق .
وإن شككت هل قال لك شيئا مما يقتضي الطلاق أو لا ؛ فالأصل بقاء النكاح ، ولا يقع الطلاق إلا إذا تيقنت أنه قال ذلك .
وينبغي أن يعلم أن الرجل لو طلق زوجته قبل الدخول بانت منه ، ولم يملك رجعتها إلا بعقد جديد .

وينظر جواب السؤال رقم (22850) ورقم (126292) .
ثانيا :
اعلمي - يا أمة الله - أن البيت لا يصلح فيه إلا رجل واحد ؛ فإذا كنت ستعاملين زوجك باعتبار أن لك كل الحقوق والصلاحيات التي له ، وأنك قيمة عليه ، كما هو قيم عليك : فأنت تخاطرين بأمر عيشك ، وتضحين ببيتك وسكنك .
إن لك حقا على زوجك ، نعم ؛ لكن ينبغي أن تعلمي أن لك حدودا ، فلا تعتديها ، وأن تعلمي أن القوامة والرياسة في البيت إنما هي للرجل ، للزوج ، فلا تنازعيه فيها . كما قال الله تعالى :
( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة/228 .
قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله :
" قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ أي: وللنساء على بعولتهن من الحقوق واللوازم مثل الذي عليهن لأزواجهن من الحقوق اللازمة والمستحبة.
ومرجع الحقوق بين الزوجين يرجع إلى المعروف، وهو: العادة الجارية في ذلك البلد وذلك الزمان من مثلها لمثله، ويختلف ذلك باختلاف الأزمنة والأمكنة، والأحوال، والأشخاص والعوائد.
وفي هذا دليل على أن النفقة والكسوة، والمعاشرة، والمسكن، وكذلك الوطء ، الكل يرجع إلى المعروف، فهذا موجب العقد المطلق .
وأما مع الشرط ، فعلى شرطهما، إلا شرطا أحل حراما، أو حرم حلالا.
وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ أي: رفعة ورياسة، وزيادة حق عليها، كما قال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ " انتهى من "تفسير السعدي" (101) .
وحينئذ ؛ فليكن الأمر بينكما بالتشاور ، والتحاور ، واللين والهدوء ؛ فإن رأيتِ زوجك قد غضب ، فدعي الحوار معه ، ولا تعيني الشيطان عليه ، ولا تجعلي نفسك خصما له ، أو حكما عليه .
فإن قدرت على التغلب على ذلك النقص فيك ، وأن تدعي بعض حقك لزوجك ، وأن تصبري على بعض ما يغضبك ، وأن تلتزمي بأدب النبي صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه ، لما قال له : ( أَوْصِنِي ؟! ) .
فقَالَ له النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَا تَغْضَبْ ) . فَرَدَّدَ مِرَارًا ، قَالَ : ( لَا تَغْضَبْ ) .
رواه البخاري (6116) .
نحن خاطبناك أنت أيتها السائلة الكريمة ؛ لأنك أنت التي سألتينا ؛ ولو كان هو الذي يسألنا ، لكان لنا معه حورا آخر .
على أن الحدة التي ذكرتِ لنا صورتها عن زوجك ، وحساسيته لأية كلمة تصدر في حق أهله ، أو تصرف منك : كل ذلك أمر مزعج ، ومقلق على مستقبلكما ، يجب عليكما علاجه قبل أن تقدما على إتمام زواج تحيطه مخاطر الهدم في أي وقت ، أو لحظة غضب !!
وبدون ذلك ، وباستمرار هذا الخلق بينكما ، فلا نظن الحياة بينكما ستستقيم ، ولا نظن العشرة ستدوم !!
فتأملي أمرك وأمر زوجك ، واجتمعي أنت وهو على كلمة سواء ، لإصلاح أمركما ، والمحافظة على بيتكما .
وفقكما الله لما يحبه ويرضى ، وأصلح لكما أمركما .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب