الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

نقل أعضاء الكافر إلى المسلم والعكس

131192

تاريخ النشر : 10-12-2009

المشاهدات : 23674

السؤال

نعلم جميعاً مدى ما وصل إليه الطب البشري الآن من تقدم إلى درجة زراعة القلب أو نقله من شخص إلى آخر ، وكذلك الأعضاء الأخرى كالعين والكلية وغير ذلك . فما الحكم الشرعي في حالة نقل قلب غير المسلم إلى شخص مسلم ، أو عينه أو كليته أو أي عضو من أعضاء الجسم؟ خصوصاً القلب ، في ضوء قول النبي صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ) .

الجواب

الحمد لله.

"أما النقل ففيه خلاف بين العلماء ، منهم من يجيز التبرع بذلك ، ومنهم من لا يجيز هذا ، لأن المؤمن والمسلم والإنسان ليس له التصرف في نفسه بما يضره ، فهو ملك لله عز وجل ، فذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه لا بأس إذا تبرع بذلك على وجه لا خوف عليه ولا خطر عليه فيه أو أخذ منه عند موته على وجه ينفع غيره .

فمن العلماء من أجاز هذا ، ومنهم من لم يجز هذا ، وقالوا : ليس للإنسان أن يتبرع بشيء من أعضائه ؛ لأنها غير مملوكة بل هي ملك لله ، فليس له أن يتبرع بها لا كلية ولا قلباً ولا غير ذلك ، وقال آخرون من أهل العلم : إذا تبرع بشيء لا يضره كإحدى كليته وأشباه ذلك فلا حرج لأنه شيء ينفع غيره ولا يضره ، أما شيء يضره فليس له أن يتبرع بشيء يضره أو يسبب موته .

وعلى كل تقدير ، فلو فرضنا أنه انتقلت كلية كافر إلى مسلم صار لها حكم المسلم وصارت تبعاً للمسلم ، إذا مات على الإسلام لا تعذب ؛ لأنها انتقلت من ذلك الجسد الخبيث إلى جسد طيب فصار لها حكم الإنسان الطيب بالانتقال ، كما أن الخمرة إذا تخللت من غير أن يخللها أحد صارت طيبة ، وكما أن الماء النجس الكثير إذا زالت عنه أسباب النجاسة وزال اللون والريح والطعم وصار طيباً استحال إلى الطيب والطهر .

فهكذا إذا ما نقل من كافر من كلية أو قلب أو غيره فإنه يتبع المسلم فيكون طيباً تبعاً للمسلم إذا طاب المسلم وطاب قلبه ، ولو كان منقولاً فإن الشرايين والأشياء المتعلقة بهذا القلب وتمده بالدم كلها من المسلم فيكون طيباً بعدما كان خبيثاً ، جاءه الطيب بإمداد المسلم له وبقائه فيه يعبد الله ويعظم الله ويخشاه ويراقبه سبحانه وتعالى ، فإن هذا ـ على فرض وجوده وعلى فرض صحة النقل وأنه يعيش في المحل الثاني ـ فإنه مثل الكلية إذا نقلت والقرنية ومثل غير ذلك يكون له حكم من انتقل إليه .

فإذا نقل من الكافر إلى المسلم صار طيباً في حكم المسلم ، وإذا نقل من مسلم إلى كافر صار له حكم الكافر وحُشر معه يوم القيامة وصار تابعاً له ؛ لأن الأعضاء تتبع الإنسان فهي أعضاؤه وأجزاؤه ، قلبه وغيره ، فإذا عُمر بالطاعات صار طيباً ، وإذا عُمر بالشرك والكفر وبغض الله ورسوله انتقل من حال الطيب إلى حال الخبث .

مثل المسلم لو ارتد عن دينه وصار منافقاً أو كافراً انتقل له الخبث وزال عنه الطيب بكفره وردته ، فهكذا إذا انتقل عضو المسلم إلى الكافر صار له الخبث ، وإذا انتقل عضو الكافر إلى المسلم صار له الطيب بالانتقال ، وهذا شيء لا أعلم فيه إشكالاً ولا نزاعاً لو وقع" انتهى .

سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

"فتاوى نور على الدرب" (4/1897 – 1899) .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله "فتاوى نور على الدرب" (4/1897 – 1899)