من عاهد الله على فعل طاعة ولم يفعل فماذا يلزمه؟

18-02-2024

السؤال 469707

أنا منذ سنتين تقريبا كنا في العشر الأواخر، وكتبت في ورقة ورد معين من القرآن والاستغفار وغيره، وكتبت في أسفلها أعاهد الله تعالى أن أقوم بهذا الورد لمدة خمسة أيام على الأقل، وكانت نيتي أن تكون هذه الخمسة أيام من العشر الأواخر، ولم أقم بهذا العهد، وقبل أيام وجدت تلك الورقة المكتوب فيها لكنها ضاعت مني الآن، فهل يجب علي أداء هذا العهد، والبحث عن الورقة، علما بأني لم أقيض هذه الخمسة أيام في الكتابة، لكن النية أن تكون تلك الخمس في العشر الأواخر؟ وما هي كفارة العهد؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يلزم الوفاء بالعهد مع الله؛ لقوله تعالى: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً) الإسراء/34.

وقال تعالى: (وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ* فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَّهُم مُّعْرِضُونَ* فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) التوبة/ 75 - 77.

قال ابن قدامه رحمه الله في "المغني" (9/401) : " قال أحمد : العهد شديد في عشرة مواضع من كتاب الله : (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا) .

ويتقرب إلى الله تعالى إذا حلف بالعهد وحنث، ما استطاع، وعائشة أعتقت أربعين رقبة، ثم تبكي حتى تبل خمارها، وتقول: واعهداه" انتهى .

ثانيا:

العهد إن قصد به إلزام النفس بالطاعة، فحكمه حكم النذر.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: " إذا قال: أعاهد الله أني أحج العام، فهو نذر وعهد ويمين. وإن قال: لا أكلم زيدا، فيمين وعهد، لا نذر، فالأيمان إن تضمنت معنى النذر وهو أن يلتزم لله قربة: لزمه الوفاء بها " انتهى من "المستدرك على مجموع الفتاوى" (5/144).

وقال في "العقود" ص: 66: "وقد يقول أحدهم: علينا عهد الله وميثاقه، أو يقول: نعاهد الله على هذا، ومنه قوله: وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ [الأحزَاب:15]، وهذا نذر. وكذلك قوله: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ [التوبة:75]، الآيات - إلى قوله -: فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [التوبة:77]، وكان هذا نذرًا لله، وهو معاهدة لله، ومعاهدة الله من أعظم الأيمان.

فاليمين والمعاهدة ونحو ذلك: ألفاظ متقاربة المعنى، أو متفقة المعنى، فإذا قال: أعاهد الله أني أحج العام: فهذا نذر وعهد، وهو يمين، وإذا قال: أعاهد الله ألا أكلم زيدًا، فهو عهد، لكن ليس نذرًا.

فالأيمان اسم جنس؛ إن تضمنت معنى النذر، وهو أن يلتزم لله قربة: يلزمه الوفاء بها، لكونها نذرًا، وهنا هي عقد لله، وعهد لله، ومعاهدة لله، كالذين ذكرهم الله؛ لأنه التزم لله ما يطلبه الله منه" انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " وينعقد – أي: النذر - بالقول ، وليس له صيغة معينة ، بل كل ما دل على الالتزام فهو نذر ، سواء قال : لله علي عهد ، أو لله علي نذر ، أو ما أشبه ذلك مما يدل على الالتزام ، مثل: لله علي أن أفعل كذا ، وإن لم يقل : نذر ، أو عهد " انتهى من "الشرح الممتع" (15/207) .

وعليه فيلزمك أمران:

1-الوفاء بما عاهدت عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ) رواه البخاري (6202).

2-إخراج كفارة يمين؛ لأن النذر قد فات وقته.

قال المرداوي في "الإنصاف" (11/140):

"وإن نذر صوم شهر معين، فلم يصمه لغير عذر، فعليه القضاء، وكفارة يمين ـ بلا نزاع ـ

وإن لم يصمه لعذر، فعليه القضاء ـ بلا نزاع ـ وفي الكفارة روايتان. والمذهب: أن عليه الكفارة أيضاً، وصححه ابن قدامه وغيره" انتهى بتصرف.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله فيمن " نذر أن يصوم عشرة أيام من شهر ما، ثم لم يصمها في ذلك الشهر وصامها في الشهر الثاني، فنقول له: إن عليك كفارة يمين، لأن نذره تضمن شيئين: تضمن صيام عشرة أيام، وأن تكون في هذا الشهر المعين؛ فلما فاته أن تكون في هذا الشهر المعين، لزمته كفارة اليمين لفوات الصفة، وأما الأيام فقد صامها " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (19/377).

وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فمن لم يجد صام ثلاثة أيام.

والله أعلم.

الأيمان والنذور
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب