تريد مشاركة زوجها في مشروع تجاري وتطلب النصيحة

30-03-2023

السؤال 423823

أنا امرأة متزوجة، ولدي طفل، وأعمل كطبيبة، زوجي لديه عمل براتب متوسط، استطاع أن يدخر منه مبلغا لا بأس به، اقترح عليه بعض من الأهل أن يفتح عيادة لي بالمبلغ الذي أدخره أعمل بها، وستكون فاتحة خير علينا، ولكن لكي نفتح عيادة يجب أن تكون خارج المدينة، وهذا يستدعي على زوجي أن يترك عمله، وهنا ستكون المسؤولية كاملة علي أن أعمل، وأن أنجح هذا المشروع، ولكني متخوفة أن تتحول العلاقة بيني وبين زوجي إلى علاقة مدير العمل والموظف لديه، وقد تحصل مشاكل بيننا إذا قصرت، أو تأخرت عن العمل؛ بحكم أن هذه العيادة ستكون مصدر دخلنا الوحيد، وأنا لا أريد أن يحصل هذا، وبنفس الوقت أرغب بدعم زوجي، أرجو إفادتي؛ لأنني حائرة جدا، هل أوافق على أن يفتح لي عيادة برأس ماله أو أرفض؟

الجواب

الحمد لله.

بداية، نحمد لك أيتها الفاضلة اهتمامك بالسؤال قبل الإقدام، وهذا دليل توفيق ورجاحة عقل، ونثمن حرصك على دعم زوجك والوقوف بجانبه.

وقد تم قراءة رسالتك بتأنٍ وتفهم ما فيها، وحرصنا على النظر إلى الموضوع بزواياه المتعددة، واستشراف مخرجات وآثار هذه المشروع على حياتكم كأسرة.

فنقول وبالله التوفيق:

أولاً: وضعكم المادي مستقر – بفضل الله تعالى- فأنتِ على رأس عمل يدّر عليك دخلاً، وزوجك على رأس عمل يدخر منه، وهذا يعطيكم قدراً من الاستقرار المادي ولو بسيطاً.

ثانياً: لديك طفل -نسأل الله أن يجعله لكم قرة عين- يحتاج إلى مزيد وقت منك للقرب منه والاهتمام به، ومشروع العيادة سيستهلك أغلب أو كل يومك، فيفوت على طلفك الكثير من الرعاية والحنان والقرب النفسي والعاطفي.

فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كُلُّكُمْ ‌رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ، وَهِيَ مَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا البخاري (2278).

ثالثاً: الحياة الجميلة لا تقوم على زيادة الدخل، مهما كان "ثمن" هذا الدخل، والتضحيات لأجل بلوغه، مادام الكفاية حاصلة، فكم من أناس كانوا يعيشون حياة سعيدة مستقرة اجتماعياً وعاطفياً، عصف بهم الجري وراء تكثير المال، فضاع ذاك الاستقرار والسكينة، وهذا مسلك لا ينتبه له الكثير من الناس. مع أنه مشاهد في حياتنا. وكم من محدودي الدخل يعيشون سعادة وأنساً واستقرارا يغبطهم الآخرون عليه، وكم من أصحاب سعة ومال يعيشون وضعاً اجتماعياً مأساوياً، وجفاف عاطفي واضطراب نفسي.
وهذا ليس تزهيدا في طلب المال والسعة المادية، ولكن بياناً أنها ليست الركيزة الوحيدة للسعادة؛ بل قد نفقد السعادة والاستقرار بسبب اللهاث حول المال.

رابعاً: تخوفاتك في محلها، واحتمالية ما ذكرتيه من تحول العلاقة بينكِ وبين زوجك إلى علاقة مدير العمل والموظف لديه، وتسبب ذلك بحصول مشاكل بينكما إذا قصرتِ أو تأخرتِ عن العمل: كل ذلك أمر وارد بقوة؛ بل متوقع بنسبة عالية جداً، وهذا مشاهد، فكم من أشخاص جمعتهم أعلى درجات المحبة، فرقهتم الشراكات المالية. وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ ‌الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ [ص: 24].

لكل ما تقدم.. ولغير ما تقدم كثير، يمكن إدراكه بالتأني والنظر في نفسك ومن حولك، من اعتبارات اجتماعية، ونفسية: ننصحك أختي الكريمة ألّا تفعلي، وأن تبذلي ما يبقى من وقتك بعد وظيفتك لولدك وزوجك، وما يعود عليك بالنفع من القراءة والعبادة وصلة الأرحام، فهذا من أعظم ما يحقق السعادة والاستقرار الأسري، وطفلك يستحق الكثير والكثير من الوقت والقرب.

أسأل الله أن يحييكم حياة طيبة ويسعدكم في الدارين ويختار لكم الأفضل والأجمل

والله أعلم

فقه الأسرة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب