باع جهاز كمبيوتر وبعد أيام ادعى المشتري وجود عيب فيه فهل له الخيار

19-04-2022

السؤال 375075

اشتريت سلعة (كمبيوتر) من شخص، واستعملته شهرا تقريبا، وقررت بيعه، فاشتراه شخص مني، وعند إيصال السلعة له أخبرته بتجريبها، فقال: إنه واثق من السلعة، وبعد 3 أيام اتصل، وأخبرني أن السلعة فيها خلل، وأنا خلال شهر من الاستعمال لم أجد أي عيب في السلعة، فقررت الاتصال بصاحب السلعة الأول، فأخبرني أنه يملك الجهاز منذ خمس سنوات ولا يوجد به أي عيب. السؤال : هل يحق للشخص المدعي إرجاع السلعة واسترداد المال كاملا؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

إذا ثبت أن السلعة معيبة، فللمشتري الخيار بين رد السلعة، أو إمساكها وأخذ أرش العيب.

والأرش هو الفرق ما بين قيمة السلعة معيبة، وقيمتها صحيحة، مأخوذا من الثمن.

وينظر: جواب السؤال رقم:(258447). 

ثانيا:

إذا اختلف البائع والمشتري عند من حدث العيب، مع احتمال قول كل منهما، فالقول قول البائع بيمينه، على الراجح، وهو قول الجمهور، خلافا للحنابلة.

فإن كانت دعوى المشتري لا تُحتمل، كأن يظهر أن العيب حدث بعد العقد، فالقول قول البائع من غير يمين.

وإن احتمل أن يكون العيب قبل العقد أو بعده، فالقول قول البائع بيمينه.

قال في "زاد المستقنع": " وَإِن اخْتَلَفَا عِنْدَ مَنْ حَدَثَ العَيْبُ، فَقَوْلُ مُشْتَرٍ مَعَ يمينِهِ، وَإِن لَمْ يَحْتَمِلْ إِلاّ قَوْلَ أحَدِهِمَا قُبِلَ بِلاَ يَمينٍ" انتهى.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " هذه المسألة، أفادنا المؤلف ـ رحمه الله ـ أنها لا تخلو من حالين:

الحال الأولى: أن يمتنع صدق أحدهما، فهنا القول قول من لا يحتمل قوله الكذب.

الحال الثانية: أن يكون هناك احتمال، فهنا يكون القول قول المشتري.

مثال ما لا يحتمل قولَ البائع: الإصبع الزائدة، فإذا اشترى عبداً فوجد فيه إصبعاً زائدة، فأراد رده، فقال البائع: حدث هذا العيب عندك، وقال المشتري: أبداً، فالقول قول المشتري؛ إذ لا يمكن أن يحدث له إصبع زائدة، ولو أمكن أن يحدث لكان كل إنسان يتوقع أن يحدث له ذلك، وإذا قبلنا قول المشتري، فلا يشترط أن يحلف؛ لأنه لا حاجة للحلف.

مثال ما لا يحتمل قولَ المشتري: اشترى بهيمة ثم ردها، والعيبُ الذي فيها جُرْحٌ، ادعاه المشتري فنظرنا إلى الجرح وإذا هو يثعب دماً، جرح طري والبيع له مدة أسبوع، فالقول قول البائع بلا يمين؛ لأنه لا يحتمل أن يكون هذا الجرح قبل العقد.

أما إذا كان يحتمل هذا وهذا، كعرج وفساد في طعام، وما أشبه ذلك فالمؤلف يقول: إن القول قول المشتري.

وعلة ذلك: أن العيب فوات جزء في البيع وهو الكمال، فالمعيب قد فاته الكمال، والأصل عدم قبض هذا الجزء الفائت، والذي يدعي عدم قبضه المشتري، فيكون القول قول المشتري، وهذا وجهه؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: البينة على المدعي واليمين على من أنكر، فالبائع الآن يقول: إني بعت عليك هذا الشيء سليماً، وهو يقول بعته علي معيباً.

والمسألة محتملة؛ فالقول: قول المشتري؛ لأن الأصل عدم قبض هذا الجزء الفائت بالعيب، فيكون المشتري مدعى عليه والبائع مدعياً، وهذه الرواية من مفردات مذهب الإمام أحمد رحمه الله.

والقول الثاني: أن القول قول البائع، وهو مذهب الأئمة الثلاثة ـ رحمهم الله ـ وهو القول الراجح؛ للأثر والنظر، أما الأثر فقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: إذا اختلف المتبايعان فالقول ما قال البائع أو يترادَّان، وهذا نص صريح؛ ولأن المشتري مدعٍ أن العيب سابق، حتى على قاعدة الفقهاء، المدعي: من إذا سكت تُرك، والمشتري هنا لو سكت لم يُطالب، والرسول صلّى الله عليه وسلّم يقول: البينة على المدعي، والمدعي هنا بلا شك هو المشتري، فنقول له: إيت ببينة أن العيب حدث عند البائع.

وأما النظر فلأن الأصل عدمُ وجودِ العيب والسلامةُ، ودعوى أن العيب سابق على العقد خلاف الأصل، وإذا كان لا يقبل قول المشتري في أصل العيب، فكذلك لا يقبل قوله في زمن العيب" انتهى من "الشرح الممتع" (8/ 324).

فانظر في العيب الذي يذكره المشتري، فإن دل دليل على أنه كان قبل بيعك: فله خيار العيب. وإن دل دليل على أن العيب حدث عنده، فلا خيار له، والبيع لازم، إلا أن ترضى بإقالته.

وإن احتمل أن يكون العيب حدث قبل البيع وبعده، فالقول قولك مع يمينك، فتحلف أنك بعته وليس فيه هذا العيب، فإن لم تحلف كان له الخيار.

والله أعلم.

البيوع
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب