حديث (عمران بيت المقدس خراب يثرب)
أرجو منكم التفضل بشرح هذا الحديث بالتفصيل:
روى أحمد وأبو داود عن معاذ : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " عمران بيت المقدس خراب يثرب ، وخراب يثرب خروج الملحمة ، وخروج الملحمة فتح القسطنطينية ، وفتح القسطنطينية خروج الدجال " .
الجواب
الحمد لله.
الحديث رواه ابن أبي شيبة ( 7 / 491 ) وأحمد ( 5 / 245 ) وأبو داود ( 4294 ) وعلي
بن الجعد في مسنده ( ص 489 ) .
كلهم : من طريق عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن جبير بن نفير عن
مالك بن يخامر عن معاذ بن جبل .
ورواه أبو عمرو الداني في " السنن الواردة في الفتن " ( 4 / 930 ) من طريق ابن
ثوبان عن أبيه أنه سمع مكحولا يقول : حدثني مالك بن يخامر عن معاذ بن جبل قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وفيه : عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، وهو ضعيف ، وقد عدَّ الذهبي هذا الحديث من
منكراته ، كما في " ميزان الاعتدال " ( 4 / 265 ) .
واختلف عنه فيه أيضاً .
قال الدارقطني – وسئل عن الحديث - :
يرويه ابن ثوبان ، واختلف عنه : فرواه أبو حيوة شريح بن يزيد عن ابن ثوبان عن أبيه
عن مكحول قال حدثني مالك بن يخامر عن معاذ ، وخالفه علي بن الجعد فرواه عن ابن
ثوبان عن أبيه عن مكحول عن جبير بن نفير عن مالك بن يخامر عن معاذ ، زاد في الإسناد
جبيراً ، والله أعلم .
" علل الدارقطني " ( 6 / 53 ) .
والحديث ضعفه الشيخ شعيب الأرناؤط في تحقيقه لمسند أحمد ( 36 / 352 ) . وقد حسنه
الشيخُ الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود .
وعلى فرض صحته فإن معناه :
أن كُلّ وَاحِد مِنْ هَذِهِ الْأُمُور أَمَارَة لِوُقُوعِ مَا بَعْده ، وَإِنْ
وَقَعَ هُنَاكَ فترة زمنية بينهما .
( عُمْرَان بَيْت الْمَقْدِس ) أَيْ : عِمَارَته بِكَثْرَةِ الرِّجَال وَالْعَقَار
وَالْمَال .
( خَرَاب يَثْرِب ) : أَيْ : سَبَب خَرَاب الْمَدِينَة . وَقَالَ الْقَارِي : أَيْ
وَقْت خَرَاب الْمَدِينَة .
ويحتمل أن يكون المراد بعمارة بيت المقدس نزول الخلافة فيه في آخر الزمان . ويدل
عليه ما رواه أبو داود (2535) عن عبد الله بن حَوَالة الأزدي ، قال: بعثنا رسول
الله صلى الله عليه وسلم لنغنم على أقدامنا فرجعنا ، فلم نغنم شيئا ، وعرف الجهد في
وجوهنا ، فقام فينا فقال: (اللهم لا تكلهم إليّ فأضعف عنهم ، ولا تكلهم إلى أنفسهم
فيعجزوا عنها ، ولا تكلهم إلى الناس فيستأثروا عليهم) ثم وضع يده على رأسي أو قال:
على هامتي ، ثم قال: (يا ابن حوالة ، إذا رأيت الخلافة قد نزلت أرض المقدسة فقد دنت
الزلازل والبلابل [البلابل: الهموم والأحزان] والأمور العظام ، والساعة يومئذ أقرب
من الناس من يدي هذه من رأسك) . وصححه الألباني في صحيح أبي داود . فظاهره أن نزول
الخلافة في الأرض المقدسة سيكون قريبا جداً من الساعة ، فقد يكون هذا هو المراد
بعمارتها . والله أعلم .
( وَخَرَاب يَثْرِب خُرُوج الْمَلْحَمَة ) : أَيْ ظُهُور الْحَرْب الْعَظِيمة ،
وتكون بَيْن أَهْل الشَّام وَالرُّوم .
(وَخُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ فَتْحُ قُسْطَنْطِينِيَّةَ) يعني : فإذا خرجت الملحمة
فبعدها فتح القسطنطينية .
(وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ خُرُوجُ الدَّجَّالِ) يعني إذا فتحت القسطنطينية
خرج الدجال .
وفي الحديث إشكال ؛ وهو كون خراب المدينة قبل الدجال ، مع ما ورد من أن الدجال يمنع
من دخول المدينة ، فإنها ترجف بأهلها ثلاث رجفات فيخرج إليه كل منافق ومنافقة .
وقد أجاب ابن كثير عن هذا الإشكال فقال في "النهاية" (1/94) :
"وليس المراد أن المدينة تخرب بالكلية قبل خروج الدجال ، وإنما ذلك آخر الزمان ، بل
تكون عمارة بيت المقدس سببا في خراب المدينة النبوية ، فإنه قد ثبت في الأحاديث
الصحيحة أن الدجال لا يقدر على دخولها ، يُمنع من ذلك بما على أبوابها من الملائكة
القائمين بأيدهم السيوف المصلتة" انتهى .