تفسير (حتى يلج الجمل في سم الخياط)

30-01-2020

السؤال 321592

في قوله تعالى: (حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ)، هل الجمل فى الآية الحبل الغليظ أم لا؟

ملخص الجواب:

قول الله تعالى عن أهل النار "ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط" أي لا يدخلون الجنة حتى يدخل البعير الذي هو من أكبر الحيوانات جسما، في خرق الإبرة، الذي هو من أضيق الأشياء، وهذا من باب تعليق الشيء بالمحال أي: فكما أنه محال دخول الجمل في سم الخياط، فكذلك المكذبون بآيات الله محال دخولهم الجنة.

الجواب

الحمد لله.

تفسير (حتى يلج الجمل في سم الخياط)

يقول الله تعالى:  إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ  الأعراف/ 40 .

اتفق العلماء أن "السَّم" هو "ثقب الإبرة"، لكنهم اختلفوا في "الجمل" على أقوال:

انظر: "تفسير الطبري" (10/ 188 - 196)، و"الهداية" لمكي: (4/ 2365).

قال "ابن كثير": "وَقَوْلُهُ: وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ هَكَذَا قَرَأَهُ الْجُمْهُورُ، وَفَسَّرُوهُ بِأَنَّهُ الْبَعِيرُ.

قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: هُوَ الْجَمَلُ ابْنُ النَّاقَةِ. وَفِي رِوَايَةٍ: زَوْجُ النَّاقَةِ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: حَتَّى يُدْخَلَ الْبَعِيرُ فِي خُرْق الْإِبْرَةِ. وَكَذَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَالضَّحَّاكُ. وَكَذَا رَوَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، والعَوْفي عَنِ ابْنِ عباس.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا: حَتَّى يَلِجَ الجُمَّل فِي سَمِّ الْخِيَاطِ بِضَمِّ الْجِيمِ، وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ، يَعْنِي: الْحَبْلُ الْغَلِيظُ فِي خُرْمِ الْإِبْرَةِ.

وَهَذَا اخْتِيَارُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ قَرَأَ: "حَتَّى يَلِجَ الجُمَّل" يَعْنِي: قُلُوس السُّفُنِ، وَهِيَ الْحِبَالُ الْغِلَاظُ "، انتهى من "تفسير القرآن العظيم" (3/ 414 - 415).

لماذا علق الله تعالى دخولهم الجنة بولوج الجمل في سم الخياط؟

"علق الله تعالى دخولهم الجنة بولوج الجمل في سم الخياط فكان ذلك نفيًا لدخولهم الجنة على التأبيد، وذلك أن العرب إذا علقت ما يجوز كونه، بما لا يجوز كونه؛ استحال كون ذلك الجائزِ الكونَ؛ كما يقال: لا يكون هذا حتى يَشِيبَ الغُرَاب، وحتى يَبْيَض القار، وكما قال الشاعر:

إذا شَابَ الغُرابُ أَتَيْتُ أهْلي ... وصارَ القارُ كاللَّبنِ الحليبِ "، انتهى من "التفسير البسيط" للواحدي: (9/ 130 - 131).

لمذا خصّ الله الجمل من دون سائر الدواب؟

وقال "ابن الجوزي": " فإن قال قائل: كيف خصّ الجمل من دون سائر الدواب، وفيها ما هو أعظم منه؟

فعنه جوابان:

وقال الشيخ "السعدي رحمه الله" في "تفسيره" (288): "يخبر تعالى عن عقاب من كذب بآياته فلم يؤمن بها، مع أنها آيات بينات، واستكبر عنها فلم يَنْقَد لأحكامها، بل كذب وتولى؛ أنهم آيسون من كل خير، فلا تفتح أبواب السماء لأرواحهم إذا ماتوا، وصعدت تريد العروج إلى الله، فتستأذن، فلا يؤذن لها، كما لم تصعد في الدنيا إلى الإيمان بالله ومعرفته ومحبته، كذلك لا تصعد بعد الموت، فإن الجزاء من جنس العمل.

ومفهوم الآية: أن أرواح المؤمنين المنقادين لأمر الله، المصدقين بآياته، تفتح لها أبواب السماء، حتى تعرج إلى الله، وتصل إلى حيث أراد الله من العالم العلوي، وتبتهج بالقرب من ربها، والحظوة برضوانه.

وقوله عن أهل النار وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ وهو البعير المعروف فِي سَمِّ الْخِيَاطِ أي: حتى يدخل البعير الذي هو من أكبر الحيوانات جسما، في خرق الإبرة، الذي هو من أضيق الأشياء، وهذا من باب تعليق الشيء بالمحال، أي: فكما أنه محال دخول الجمل في سم الخياط، فكذلك المكذبون بآيات الله محال دخولهم الجنة." انتهى .

ولمزيد الفائدة، ينظر هذه الأجوبة: 279870، 170655، 342595.

والله أعلم.

تفسير القرآن
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب