تكرار الذكر في موضعين للخروج من الخلاف الحاصل حول موضعه؟

23-07-2018

السؤال 276773

بالنسبة للدعاء الوارد دبر كل صلاة  اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك  رأيت من يرجح أنه يقال قبل السلام ، ورأيت من يرجح أنه بعد السلام ، وكلا القولين من علماء أجلاء ، فصرت أقوله قبل السلام وبعد السلام ، بمعنى مرتين ، فهل فعلي هذا يصح ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهِ، وَقَالَ:   يَا مُعَاذُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، فَقَالَ: أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ  رواه أبو داود (1522)، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود" (1522).

وقوله:  دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ  ، يحتمل في اللغة العربية أن يكون المراد آخر الصلاة ، ويحتمل أن يكون المراد بعدها .

قال ابن فارس رحمه الله تعالى:

" الدال والباء والراء. أصل هذا الباب أن جُلَّه في قياس واحد، وهو آخر الشيء ، وخلفه ، خلاف قبله " انتهى من "معجم مقاييس اللغة" (2 / 324).

وقال ابن قتيبة رحمه الله تعالى:

" دبر الصَّلَاة: آخرهَا، ودبر الْبَيْت وكل شَيْء: مؤخره " انتهى من"غريب الحديث" (2 / 272).

واللفظ إذا احتمل معنين فإنه يرجح أحدها بدليل أو قرينة تبيّن المقصود.

وقد سبق بيانه في جواب السؤال رقم : (104163) .

وهذا الحديث قد جاء بلفظ يدل على أن المقصود بدبر الصلاة داخلها قبل الخروج منها.

فروى النسائي هذا الحديث في "السنن" (1303)  أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ حَيْوَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ الصُّنَابِحِيّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: " أَخَذَ بِيَدِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي لَأُحِبُّكَ يَا مُعَاذُ ، فَقُلْتُ: وَأَنَا أُحِبُّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:   فَلَا تَدَعْ أَنْ تَقُولَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ: رَبِّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ ، وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي" (1302).

وروى الإمام أحمد في "المسند" (36 / 443) حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ، حَدَّثَنِي عُقْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيُّ، عَنْ الصُّنَابِحِيّ، عَنْ مُعَاذٍ قَالَ: " لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُعَاذُ إِنِّي لَأُحِبُّكَ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَأَنَا وَاللهِ أُحِبُّكَ. قَالَ:  فَإِنِّي أُوصِيكَ بِكَلِمَاتٍ تَقُولُهُنَّ فِي كُلِّ صَلَاةٍ: اللهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ  وصححه محققو المسند.

وقد ذكره البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (1/360) بهذا اللفظ : (تقولهن في كل صلاة) وجعله من الأدعية التي تقال بعد التشهد وقبل التسليم .

وهكذا فعل المجد ابن تيمية رحمه الله في "المنتقى" ، فقد ذكره بهذا اللفظ في "باب جامع أدعية منصوص عليها في الصلاة" .

وعامة أهل العلم على مشروعية الدعاء بعد الفراغ من الصلاة المكتوبة ، واستحبابه ، وأن ذلك من مواطن الإجابة ، كل يدعو لنفسه بما يحب .

وقد بوب البخاري في "صحيحه" : ( بَابُ الدُّعَاءِ بَعْدَ الصَّلاَةِ ) ، وروى فيه بعض أحاديث الباب في الذكر الوارد بعد الصلاة ، واستدل بها على "عموم" لفظ الترجمة : في "الدعاء .." .

ولم نقف على كلام لأحد من أهل العلم أن المصلي يقول هذا الدعاء مرتين : مرة قبل التسليم ، ومرة بعده .

فالذي ينبغي للمسلم أن يقتصر على أحد الموضعين ، فيعمل بما يراه راجحا – إن كان عالما أو طالب علم- فإن لم يكن كذلك فإنه يقلد من يثق بعلمه ودينه من العلماء ويعمل بقوله .

والله أعلم.

شروح الأحاديث الدعاء
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب