بيان معنى قول أبي هريرة رضي الله عنه : " هذا من كيس أبي هريرة " .

01-11-2014

السؤال 198348


عندي سؤال بخصوص حديث وجدته في صحيح البخاري برقم : (5355) ، في المجلد السابع ، الكتاب التاسع والستين . عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أفضل الصدقة ما ترك غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول تقول المرأة إما أن تطعمني وإما أن تطلقني ويقول العبد أطعمني واستعملني ويقول الابن أطعمني إلى من تدعني ، فقالوا يا أبا هريرة سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا، هذا من كيس أبي هريرة . الذي أقلقني في هذه الرواية ان أبا هريرة رضي الله عنه في بداية الأمر روى الحديث بقوله " قال رسول الله .." ما يوحي بأنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم عندما سأله من حوله : هل سمعته من رسول الله ؟ قال: لا ، هذا من كيس أبي هريرة ! فلماذا قال ذلك ؟

الجواب

الحمد لله.


قال الإمام البخاري رحمه الله في "صحيحه" (5355) :
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا تَرَكَ غِنًى، وَاليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ ) تَقُولُ المَرْأَةُ : إِمَّا أَنْ تُطْعِمَنِي ، وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَنِي ، وَيَقُولُ العَبْدُ : أَطْعِمْنِي وَاسْتَعْمِلْنِي ، وَيَقُولُ الِابْنُ: أَطْعِمْنِي ، إِلَى مَنْ تَدَعُنِي ، فَقَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: " لاَ، هَذَا مِنْ كِيسِ أَبِي هُرَيْرَةَ " .

فقوله رضي الله عنه : " لاَ، هَذَا مِنْ كِيسِ أَبِي هُرَيْرَةَ " يقصد به آخر الحديث ، وهو قوله : " تَقُولُ المَرْأَةُ : إِمَّا أَنْ تُطْعِمَنِي ، وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَنِي ... " الخ .
ودليل ذلك أنه جاء مصرحا بأنه من قوله عند الإمام أحمد في "مسنده" (10785) حيث قال :
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا هِشَامٌ ، عَنْ زَيْدٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ ) قَالَ: سُئِلَ أَبُو هُرَيْرَةَ مَا " مَنْ تَعُولُ؟ " قَالَ: " امْرَأَتُكَ ، تَقُولُ: أَطْعِمْنِي أَوْ أَنْفِقْ عَلَيَّ أَوْ طَلِّقْنِي ، وَخَادِمُكَ يَقُولُ: أَطْعِمْنِي وَاسْتَعْمِلْنِي ، وَابْنَتُكَ تَقُولُ: إِلَى مَنْ تَذَرُنِي؟ "
وهكذا رواه البيهقي (15711) وأبو بكر النيسابوري في " الزيادات على كتاب المزني" (638) من طرق عن الْأَعْمَش ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَفْضَلَ الصَّدَقَةِ مَا تَرَكَ غِنًى، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ ) ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: " تَقُولُ امْرَأَتُكَ أَطْعِمْنِي وَإِلَّا فَطَلِّقْنِي , وَيَقُولُ: خَادِمُكَ أَطْعِمْنِي وَإِلَّا فَبِعْنِي ، وَيَقُولُ: وَلَدُكَ إِلَى مَنْ تَكِلُنِي؟ ، قَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ هَذَا شَيْءٌ تَقُولُهُ مِنْ رَأْيِكَ أَوْ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ: لَا بَلْ هَذَا مِنْ كَيْسِي " .
ورواه النسائي في "السنن الكبرى" (9166) من طريق مغيرة بن عبد الرحمن حدثنا مُحَمَّد بْن عَجْلَانَ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ) قَالَ زَيْدٌ: فَسُئِلَ أَبُو هُرَيْرَةَ : مَنْ تَعُولُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ؟ قَالَ: امْرَأَتُكَ تَقُولُ : أَنْفِقْ عَلَيَّ أَوْ طَلِّقْنِي ، وَعَبْدُكَ يَقُولُ: أَطْعِمْنِي وَاسْتَعْمِلْنِي ، وَابْنُكَ يَقُولُ: إِلَى مَنْ تَذَرُنِي " .

وقد نص على أن الذي من كلام أبي هريرة ( من كيسه ) : هو هذا القدر الذي ذكرناه من الحديث فقط ، جمع من أهل العلم ، كابن القيم في " زاد المعاد" (5/ 439) ، (5/ 464) وابن حجر في " فتح الباري " (9/ 501) ، والألباني في "إرواء الغليل" (3/ 317) .
وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط رحمه الله في تعليقه على "صحيح ابن حبان" (8/ 149) :
" قوله " تقول امرأته : أنفق علي ... " هو من كلام أبي هريرة أدرجه في الحديث " انتهى .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" قَوْلُهُ " مِنْ كِيسِي " هُوَ بِكَسْرِ الْكَافِ ، أَيْ مِنْ حَاصِلِهِ ؛ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ مِنَ اسْتِنْبَاطِهِ مِمَّا فَهِمَهُ مِنَ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ مَعَ الْوَاقِعِ ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ بِفَتْحِ الْكَافِ أَيْ : مِنْ فِطْنَتِهِ " انتهى من "فتح الباري" (9/ 501) .
ينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (118176) .

والله تعالى أعلم .

شروح الأحاديث الصدقات صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب