يتاجر بأموال شخص ، ويطالبه صاحب المال بضمان مالي في حالة الخسارة

06-01-2011

السؤال 158063

أريد أن أسأل عن مشروعية قيام شخص بتوجيه شخص آخر للتجارة بمال الشخص الآخر فى مشروع معين ، على أن الشخص الأول لا يملك المال ، وإنما يقوم بتوجيه الشخص الآخر الذى يملك المال على شروط ، وهي : إذا ربح المشروع تقاسما الأرباح ، أو وزعت الأرباح طبقا لشروطهما . والشرط الثاني : هو أن يضمن الشخص الثانى ، وهو صاحب المال ، ماله ، مقابل مبلغ من المال يدفعه الشخص الأول تعويضا مقدما للخسارة إذا خسر المشروع . وأكرر أن الشخص الأول لايملك المال ، أو يمسكه بيده ، وإنما يقوم بالتوجيه ، أى يقول للشخص الثاني : افعل كذا ، فيفعل ، ولا تفعل كذا ، فلا يفعل ، بدون تدخل من صاحب المال ، لأن ماله مضمون . نشكركم على صبركم .

الجواب

الحمد لله.


أولا :
إذا كان المراد من السؤال أن الشخص الذي لا يملك مالا ، سوف يأخذ المال من صاحبه على سبيل المضاربة ، يعني : أن يشغله له في مشروع ما ، أو يتاجر به في تجارة ما ؛ فإذا ربحت التجارة ، أو المشروع المعين ، تقاسما الأرباح بينهما نصفين ، أو بأي نسبة يتفقان عليها : فهذه ـ إلى هنا ـ مضاربة شرعية ، لا حرج فيها .
قال ابن المنذر رحمه الله :
" وأجمعوا على أن القراض [ أي : المضاربة ] بالدنانير والدراهم جائز.
وأجمعوا على أن للعامل أن يشترط على رب المال ثلث الربح أو نصفه أو ما يجتمعان عليه، بعد أن يكون ذلك معلوماً ، جزءاً من أجزاء . " انتهى "الإجماع" لابن المنذر (33) .
وأما الذي لا يشرع : فهو أن يضمن المضارب خسارة المال لصاحبه ، بحيث يكون صاحب المال شريكا للمضارب في الربح ، ويسلم له رأس ماله عند الخسارة ، فهذا شرط باطل مفسد للعقد ، وسواء كان ذلك شرطا مجردا ، أو تعويضا مقدما يدفع لصاحب المال ، كما ورد في السؤال ، فهذا كله من الشروط الباطلة .
قال ابن المنذر رحمه الله :
" وأجمعوا على إبطال القراض الذي يشترط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة " انتهى .
"الإجماع" (33) .
وقال ابن عبد البر رحمه الله :
" ولا خلاف بين العلماء ان المقارض مؤتمن لا ضمان عليه فيما يتلفه من المال ، من غير جناية منه [ فيه ] ولا استهلاك له ولا تضييع ؛ هذه سبيل الامانة وسبيل الامناء .
وكذلك أجمعوا أن القراض لا يكون إلا على جزء معلوم من الربح ، نصفا كان أو أقل أو أكثر. ذكر عبد الرزاق عن قيس بن الربيع عن ابي حصين عن الشعبي عن علي - رضي الله عنه - قال في المضاربة : ( الوضيعة [ أي : الخسارة ] على رب المال والربح على ما اصطلحوا عليه ) . ورواه الثوري عن ابي حصين عن علي ، وروي ذلك عن قتادة وبن سيرين وابي قلابة وجابر بن زيد وجماعة ، ولا اعلم فيه خلافا " انتهى من "الاستذكار" (21/124) .
وقال ابن القطان رحمه الله :
" وأجمعوا أن لا خسران على العامل ؛ إن تلف المال : من مال الدافع " انتهى من "الإقناع في مسائل الإجماع" (2/200) .
وينظر جواب السؤال رقم (124849)
ثانيا :
ما ذكر في آخر السؤال من أن العامل لا يتمكن من التصرف في المال ، فقط عليه أن يشير على صاحب المال : ماذا يفعل ؛ هو شرط فاسد أيضا ؛ فقد ذهب جمهور العلماء إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْمُضَارَبَةِ أَنْ يَكُونَ الْعَامِل مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ فِي رَأْسِ مَال الْمُضَارَبَةِ ، وَمُسْتَقِلًّا بِالْيَدِ عَلَيْهِ ، وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ عَنْ ذَلِكَ بِالتَّخْلِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَأْسِ الْمَال ، وَعَبَّرَ عَنْهُ آخَرُونَ بِأَنَّهُ تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَال إِلَيْهِ .
ومن لم يشترط استقلال العامل بالتصرف ، من أهل العلم ، اشترط أن يكون له حرية التصرف في مال المضاربة ، وألا يكون ممنوعا من ذلك ؛ لأن هذا ينافي أصل العقد .
ينظر: "المغني" لابن قدامة (7/136) ط هجر ، "الموسوعة الفقهية الكويتية" (38/50-51) .
والحاصل :
أن المعاملة المذكورة فاسدة للأسباب التي ذكرناها ؛ فإما أن يدخل صاحب المال في المضاربة ، على وجهها الشرعي ، مع من يأتمنه على ماله ، أو يبقي ماله في يده .
والله أعلم .
الاستثمار
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب