بيع المسلم فيه والمستصنع قبل قبضه

26-08-2010

السؤال 155449

لقد قمت بالذهاب إلى مصنع الاسمنت واشتريت اسمنت بقيمة ألف وخمسمائة دينار إلا أن استلام الاسمنت بعد فترة غير محددة .ولقد استلمت واصلات تفيد حجزي لكمية الاسمنت ، ولما طال استلام الاسمنت قمت ببيع واصلات الاسمنت بنفس السعر الذي دفعته للمصنع.

الجواب

الحمد لله.


شراء الأسمنت بهذه الطريقة يدخل في عقد الاستصناع ، ويجوز فيه تعجيل الثمن أو تأجيله . ويدخل في عقد السلم أيضا إذا تم تسليم الثمن كاملا في مجلس العقد .
وبيع المستصنَع أو المسلَم فيه قبل قبضه ، فيه خلاف بين أهل العلم ، فالجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة على أنه لا يجوز بيعه ، لا للمسلَم إليه (البائع الأول) ولا لغيره .
وذهب المالكية إلى جواز بيعه لغير المسلم إليه إذا لم يكن طعاما ، لأنه قد نُهي عن بيع الطعام قبل قبضه . قال ابن رشد الحفيد : " وأما بيع السلم من غير المسلم إليه فيجوز بكل شيء يجوز به التبايع ، ما لم يكن طعاما ؛ لأنه يدخله بيع الطعام قبل قبضه " انتهى من "بداية المجتهد" (2/ 231) .
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن قيم الجوزية رحمهما الله إلى جواز بيعه قبل قبضه للمسلَم إليه ، بثمن المثل أو دونه . وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما ورواية عن أحمد .
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية أيضا إلى جواز بيعه لغير المسلم إليه بشرط أن يكون هذا الغير قادرا على استلامه .
وينظر : الموسوعة الفقهية (25/ 18).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " فإن قال قائل : هل يجوز بيع المسلم فيه قبل قبضه؟
فالجواب: نعم ، يجوز بيعه على المسلم إليه، وعند شيخ الإسلام يجوز بيعه حتى على أجنبي، لكن فيه نظر؛ لأنه حقيقة إذا بعته على غير من هو عليه قد يتعذر عليه أخذه، ثم إذا بعته على غير من هو عليه بما يباع نسيئة معناه ما قبضه، فالتوسع غير ظاهر لي جدا، وشيخ الإسلام يجوز بيع الدين على غير من هو عليه، ولكنه يشترط القدرة على أخذه " .
ثم ذكر شروط بيعه على المسلَم إليه فقال : " لكن إن باعه على المسلم إليه فإنه يشترط ثلاثة شروط:
الأول: ألا يربح، بأن يبيعه بسعر يومه؛ لأنه لو باعه بأكثر من سعر يومه لربح فيما لم يضمن، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن... والمراد بقوله بسعر يومها ألا تزيد، فإن نقصت فقد فعلت خيرا.
الشرط الثاني: أن يحصل التقابض قبل التفرق فيما إذا باعه بشيء يجري فيه ربا النسيئة، مثاله: أن يبيع البر بشعير، مائة صاع بر بمائتي صاع شعير، فهذا جائز بشرط التقابض قبل التفرق.
الشرط الثالث: ألا يجعله ثمنا لسلم آخر؛ لأنه إذا جعله ثمنا لسلم آخر فإن الغالب أن يربح فيه، وحينئذ يكون ربح فيما لم يضمن " انتهى مختصرا من "الشرح الممتع" (9/ 87).

وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن تطبيقات شرعية لإقامة السوق الإسلامية :
" مع التأكيد على قرار المجمع رقم 63(1/7) بشأن عدم جواز بيع المسلم فيه قبل قبضه ونصه: "لا يجوز بيع السلعة المشتراة سلماً قبل قبضها" " انتهى .
والحاصل أن بيعك لهذا الأسمنت قبل استلامه ، مما اختلف الفقهاء في جوازه ، والأقرب أنه لا يجوز ، لكن إذا كنت قد بعت وانتهيت فنسأل الله أن يعفو عنك .
والله أعلم .

البيوع
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب