سبب تقديم قوله تعالى في سورة الرحمن (عَلَّمَ الْقُرْآنَ) على قوله (خَلَقَ الْإِنسَانَ)

05-05-2009

السؤال 132619

لماذا ذكر في سورة الرحمن : (عَلَّمَ الْقُرْآنَ) قبل (خَلَقَ الْإِنسَانَ) ، وعلمه لمن ؟

الجواب

الحمد لله.

في هذه السورة العظيمة من سور القرآن الكريم يتعرف الله سبحانه وتعالى إلى خلقه بنعمه عليهم ، وآلائه التي ملأت أرجاء السماء والأرض ، يذكرهم بها عبوديتهم له عز وجل ، ويلزمهم طاعته وابتغاء مرضاته .

ولما كان القرآن الكريم النعمة الكبرى والآية العظمى التي أنزلت على الإنسانية جمعاء ، بدأ بها عز وجل ، وقدمها على كل شيء ، حتى على خلق الإنسان نفسه ، ليوحي بذلك إلى الغاية التي خلق الإنسان من أجلها ، وهي معرفة وحي الله والالتزام به ، فلا يشتغل الإنسان بالخلق عن الخالق ، ولا بالوسيلة عن المقصد .

وذكر الله تعالى خلق الإنسان بعد ذِكْر تعليم القرآن ليبين أن الإنسان هو المقصود بتعليم القرآن .

قال الله تعالى : ( الرَّحْمَنُ . عَلَّمَ الْقُرْآنَ . خَلَقَ الإنْسَانَ . عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ) الرحمن/1-4.

قال أبو حيان الأندلسي رحمه الله :

"ولما عدّد نعمه تعالى ، بدأ مِن نِعَمه بما هو أعلى رتبها ، وهو تعليم القرآن ، إذ هو عماد الدين ونجاة من استمسك به.

ولما ذكر تعليم القرآن ولم يذكر المعلَّم ، ذكره بعد في قوله : (خَلَقَ الإنْسَانَ) ، ليُعلم أنه المقصود بالتعليم" انتهى .

"البحر المحيط" (10/187) .

وقال الألوسي رحمه الله :

"ثم أتبع سبحانه نعمة تعليم القرآن بخلق الإنسان فقال تعالى : (خَلَقَ الإنْسَانَ) ؛ لأن أصل النعم عليه ، وإنما قدم ما قدم منها لأنه أعظمها ، وقيل : لأنه مشير إلى الغاية من خلق الإنسان ، وهو كماله في قوة العلم ، والغاية متقدمة على ذي الغاية ذِهْنًا ، وإن كان الأمر بالعكس خارجا" انتهى .

"روح المعاني" (27/99)  .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

" وبدأ الله تعالى بتعليم القرآن قبل خلق الإنسان إشارة إلى أن نعمة الله علينا بتعليم القرآن أشد وأبلغ من نعمته بخلق الإنسان ، وإلا من المعلوم أن خلق الإنسان سابقٌ على تعليم القرآن ، لكن لما كان تعليم القرآن أعظمَ مِنَّةٍ من الله عز وجل على العبد قدمه على خلقه " انتهى .

"لقاءات الباب المفتوح" (رقم/188) .

والله أعلم .

تفسير القرآن
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب