الأربعاء 11 محرّم 1446 - 17 يوليو 2024
العربية

أيهما كان أولا آية الرضاع في العامين أو قصة سالم في الرضاع؟

509196

تاريخ النشر : 11-07-2024

المشاهدات : 434

السؤال

ماذا نزل أولاً حديث رضاع الكبير أم آية (وفصاله في عامين)؟

الجواب

الحمد لله.

أولاً:

أما سؤالك ماذا كان أولاً نزول آية الكريمة (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ ‌فِي ‌عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)لقمان/14.
أم حديث رضاع الكبير (قصة سالم مولى أبي حذيفة).

فلا شك أنّ الآية نزلت أولاً، حيث إن سورة لقمان مكية، بينما قصة سالم مولى أبي حذيفة كانت في المدينة، في السنة الخامسة من الهجرة بعد نزول قوله تعالى: (‌ادْعُوهُمْ ‌لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ)الأحزاب/5.

حيث جاءت سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلِ، زوجة أبي حذيفة تسأل النبي عن وضع سالم معهم وكانوا قد تبنوه.

فأخبرها النبي صلى الله عليه وسلم أن ترضعه لتحرم عليه ويزول بينهما كلفة الحجاب الذي كان يصعب عليها وقد كانت تراه بمثابة ولدها.

فعنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ كَانَ تَبَنَّى سَالِمًا وَأَنْكَحَهُ ابْنَةَ أَخِيهِ هِنْدَ بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَهُوَ مَوْلًى لِامْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ ، كَمَا تَبَنَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدًا ، وَكَانَ مَنْ تَبَنَّى رَجُلًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ دَعَاهُ النَّاسُ إِلَيْهِ وَوُرِّثَ مِيرَاثَهُ ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي ذَلِكَ : ( ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ ) إِلَى قَوْلِهِ : ( فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ) فَرُدُّوا إِلَى آبَائِهِمْ ، فَمَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ أَبٌ، كَانَ مَوْلًى وَأَخًا فِي الدِّينِ ، فَجَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الْقُرَشِيِّ ثُمَّ الْعَامِرِيِّ وَهِيَ امْرَأَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ ، فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا نَرَى سَالِمًا وَلَدًا ، وَكَانَ يَأْوِي مَعِي وَمَعَ أَبِي حُذَيْفَةَ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ ، وَيَرَانِي فُضْلًا ، وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمْ مَا قَدْ عَلِمْتَ ، فَكَيْفَ تَرَى فِيهِ ؟

فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَرْضِعِيهِ ، فَأَرْضَعَتْهُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ ، فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ " رواه أبو داود (2061) وصححه الالباني.

ثانياً:

يظهر من سؤالك أنّ إشكالاً قام لديك بأن بين الآية المبينة أنّ الرضاع في العامين، وبين حديث سالم مولى ابي حذيفة تعارضاً.

وحقيقة الأمر أنه لا تعارض؛ لأنّ الآية تتحدث عن حكم عام، وقصة سالم مخصوصة من ذلك الحكم العام، ولا نسخ بينهما، سواء قلنا: إنّ رضاع الكبير خاص بشخص سالم، وقصته؛ كما هو مذهب الجمهور من السلف والفقهاء. أو قلنا: إن خاص بوصفه، ومن كان على مثل حالته، كما هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وتبعه تلميذه ابن القيم، والصنعاني، وغيرهما.

قال ابن القيم رحمه الله:

"حديث سهلة ليس بمنسوخ، ولا مخصوص، ولا عام في حق كل أحد، ‌وإنما ‌هو ‌رخصة ‌للحاجة ‌لمن ‌لا ‌يستغني ‌عن ‌دخوله ‌على ‌المرأة، ويشق احتجابها عنه، كحال سالم مع امرأة أبي حذيفة، فمثل هذا الكبير إذا أرضعته للحاجة أثر رضاعه، وأما من عداه فلا يؤثر إلا رضاع الصغير. وهذا مسلك شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - . والأحاديث النافية للرضاع في الكبر إما مطلقة، فتقيد بحديث سهلة، أو عامة في الأحوال، فتخصص هذه الحال من عمومها، وهذا أولى من النسخ ودعوى التخصيص بشخص بعينه، وأقرب إلى العمل بجميع الأحاديث من الجانبين، وقواعد الشرع تشهد له، وبالله التوفيق" انتهى من "زاد المعاد" (6/ 209).

وقد سبق في الموقع بيان حكم رضاع الكبير في إجابات مفصلة يحسن الرجوع إليها لتمام الفائدة : (85115)، (281166)، (295587).

والله أعلم.
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب