الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

ما هي مدة لبث عيسى عليه السلام في قومه؟

360994

تاريخ النشر : 22-02-2021

المشاهدات : 35138

السؤال

هل هناك خبر صحيح يفيد مدة لبث سيدنا عيسى عليه السلام في قومه؟ 

ملخص الجواب

لم يصح حديث في مدة مكث عيسى عليه السلام في قومه، وإنما صح أنه يمكث في الأرض بعد نزوله أربعين سنة، وكذلك لم يصح أن عمر النبي يكون نصف عمر النبي الذي قبله.  

الحمد لله.

مدة بقاء عيسى عليه السلام في قومه

اختلف أهل العلم في مدة لبث عيسى عليه السلام في قومه، قبل أن يُرفع، نظرا لأنه لا يوجد حديث صحيح، لا مطعن فيه من جهة الإسناد، صريح من جهة الدلالة، يدل على تحديد ذلك.

وقد وردت أحاديث وآثار مختلفة، وكلها في إسنادها ضعف.

أقوال العلماء في مدة لبث عيسى عليه السلام في قومه

وعند تتبع الأقوال وجدنا أنها أربعة أقوال:

الأول: وهو المشهور، أنه لبث في قومه ثلاثا وثلاثين سنة قبل أن يرفع.

واستدل من قال بذلك بما ورد في السنة من كون أهل الجنة على ميلاد عيسى، أبناء ثلاث وثلاثين، وقد صحت الرواية في كون أن هذا سن أهل الجنة، لكن لم يصح أنه على ميلاد عيسى.

فإن الحديث الوارد في ذلك روي من طريقين:

الأول: أخرجه أبو نعيم في "صفة الجنة" (2/106)، قال حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْهَرَوِيُّ، ثنا عَبَّادُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ جَسْرِ بْنِ فَرْقَدٍ الْقَصَّابُ، ثنا أَبِي، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:  إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ شَبَابٌ مُرْدٌ مُكَحَّلُونَ، أَبْنَاءُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً، لَا يَبُولُونَ، وَلَا يَتَغَوَّطُونَ، وَإِنَّمَا هُوَ جُشَاءٌ، وَرَشْحٌ كَرَشْحِ مِسْكٍ، يَخْرُجُ مِنْ جُلُودِهِمْ، عَلَى مِيلَادِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ  .

وإسناده ضعيف، فيه لأجل جعفر بن جسر بن فرقد وأبيه:

فأما "جسر بن فرقد": فقد ترجم له الذهبي في "ميزان الاعتدال" (1/398) فقال:" قال البخاري: ليس بذاك عندهم، وقال ابن معين - من وجوه عنه: ليس بشيء، وقال النسائي: ضعيف" انتهى.

وأما ولده "جعفر بن جسر بن فرقد": فقد قال فيه العقيلي في "الضعفاء" (1/187): "حفظه فيه اضطراب شديد كان يذهب إلى القدر وحدث بمناكير." انتهى.

الثاني: أخرجه ابن أبي الدنيا في "صفة الجنة" (210)، من طريق رَوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ الْعَسْقَلَانِيُّ، قال ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ هَارُونِ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ عَلَى طُولِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، سِتُّونَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الْمَلَكِ، عَلَى حُسْنِ يُوسُفَ، عَلَى مِيلَادِ عِيسَى، ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً، وَعَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُرْدٌ مُرْدٌ مُكَحَّلُونَ  .

وإسناده ضعيف، فيه رواد بن الجراح.

ترجم له الذهبي في "تاريخ الإسلام" (5/312)، فقال:"وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، روى غير حديث منكر، وقال عَبَّاس عَن ابْن مَعِين: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، إنما غلط في حديثٍ عن الثَّوريّ، وقال أبو حاتم: محلّه الصِّدْق، وتغير بآخره، وقال البخاريّ: كان قد اختلط، لَا يكاد يقوم حديثه، وقال أحمد بن حنبل: صاحب سُنّة، لَا بأس به، إلّا أنّه حدَّث عن سُفيان بمناكير، وقال محمد بن عَوْف الطّائيّ: دخلنا عسْقلان ورَوَّاد قد اختلط ". اهـ

ثم إنه قد خالفه عمر بن عبد الواحد، فرواه دون ذكر ميلاد عيسى.

أخرجه ابن أبي داود في "البعث" (65)، وأبو نعيم في "الحلية" (3/56) من طريق عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ هَارُونَ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  يُبْعَثُ أَهْلُ الْجَنَّةِ عَلَى صُورَةِ آدَمَ فِي مِيلَادِ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً مُرْدًا مُكَحَّلِينَ، ثُمَّ يُذْهَبُ بِهِمْ إِلَى شَجَرَةٍ فِي الْجَنَّةِ فَيُكْسَوْنَ مِنْهَا لَا تَبْلَى ثِيَابُهُمْ وَلَا يُفْنَى شَبَابُهُمْ  .

وعمر بن عبد الواحد وثقه ابن سعد كما في "الطبقات" (7/471)، والعجلي كما في "الثقات" (1240)، وابن حجر في "التقريب" (4943)، وقال مروان بن محمد كما في "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (6/122):" نظرنا في كتب أصحاب الاوزاعي فما رأيت أحدا اصح حديثا عن الأوزاعي من عمر بن عبد الواحد." انتهى.

وممن ورد عنه أن عيسى عليه السلام رفع وهو ابن ثلاث وثلاثين: سعيد بن المسيب، إلا أنه لم يصح عنه كذلك.

أخرجه الحاكم في "المستدرك" (5173)، والدينوري في "المجالسة" (2599)، من طريق حماد بن سلمة، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: رُفِعَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً، وَمَاتَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .

وفيه "علي بن زيد بن جدعان": ترجم له الذهبي في "تذكرة الحفاظ" (1/106)، فقال: " قال أبو زرعة وأبو حاتم: ليس بقوي، وقال أحمد ويحيى: ضعيف، وقال الترمذي: صدوق ربما رفع الموقوف "انتهى.

وممن يرجح أن عيسى عليه السلام لبث في قومه ثلاثا وثلاثين سنة قبل أن يرفع: الحافظ ابن كثير، حيث قال في "البداية والنهاية" (19/230):

" وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ آدَمَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: (وَإِنَّهُ نَازِلٌ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ رَجُلٌ مَرْبُوعٌ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ، عَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُمَصَّرَانِ، كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ، وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ، فَيَدُقُّ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، وَيَدْعُو النَّاسُ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَيُهْلِكُ اللَّهُ تَعَالَى فِي زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِسْلَامَ، وَيُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، ثُمَّ تَقَعُ الْأَمَنَةُ عَلَى الْأَرْضِ، حَتَّى تَرْتَعَ الْأُسُودُ مَعَ الْإِبِلِ، وَالنِّمَارُ مَعَ الْبَقَرِ، وَالذِّئَابُ مَعَ الْغَنَمِ، وَيَلْعَبُ الصِّبْيَانُ بِالْحَيَّاتِ لَا تَضُرُّهُمْ، فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ سَنَةً ثُمَّ يُتَوَفَّى، وَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ) ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ. وَهَكَذَا وَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً.

وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ يَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ سَبْعَ سِنِينَ. فَهَذَا مَعَ هَذَا مُشْكِلٌ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ تُحْمَلَ هَذِهِ السَّبْعُ عَلَى مُدَّةِ إِقَامَتِهِ بَعْدَ نُزُولِهِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مَحْمُولًا عَلَى مُكْثِهِ فِيهَا قَبْلَ رَفْعِهِ مُضَافًا إِلَيْهِ، وَكَانَ عُمْرُهُ قَبْلَ رَفْعِهِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهَذِهِ السَّبْعُ تَكْمِلَةُ الْأَرْبَعِينَ، فَيَكُونُ هَذَا مُدَّةَ مُقَامِهِ فِي الْأَرْضِ قَبْلَ رَفْعِهِ وَبَعْدَ نُزُولِهِ.

وَأَمَّا مُقَامُهُ فِي السَّمَاءِ قَبْلَ نُزُولِهِ فَهُوَ مُدَّةٌ طَوِيلَةٌ. وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ " انتهى.

القول الثاني: أنه لبث في قومه أربعين سنة.

وقد استدلوا على ذلك بما يلي:

الأول: بما أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (2105)، وابن سعد في "الطبقات" (2/308)، كلاهما من طريق حماد بن سلمة، وابن شاهين في "فضائل فاطمة" (7)، من طريق سفيان، كلاهما عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لفاطمة:  إنه لم يعمر نبي قط إلا عمر الذي بعده نصف عمر صاحبه، عُمِّر عيسى أربعين، وأنا عشرين  .

وهذا مرسل، فإن يحيى بن جعدة لم يلق النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد خالفهما عمرو بن محمد العنقزي، فرواه موصولا عن يحيى بن جعدة عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (6742)، من طريق حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْأَسْوَدَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ قَالَ: قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  إِنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ مَكَثَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ أَرْبَعِينَ سَنَةً  .

وإسناده ضعيف جدا، مع انقطاعه.

 فيه الحسين بن علي بن الأسود: قال فيه أبو حاتم كما في "الجرح والتعديل":" صدوق ". اهـ، وقال ابن عدي في "الكامل" (3/245):" يسرق الحديث "انتهى، وقال الأزدي كما في "تاريخ بغداد" (8/617):" ضعيف جدا يتكلمون فِي حديثه "انتهى، وقال ابن حجر في "التقريب" (1331):" صدوق يخطىء كثيرا "انتهى.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (8/206):" رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْأَسْوَدِ، ضَعَّفَهُ الْأَزْدِيُّ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَيَحْيَى بْنُ جَعْدَةَ لَمْ يُدْرِكْ فَاطِمَةَ) انتهى.

الثاني: ما أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (8/145)، من طريق نوح بن قيس، قال نا الْوَلِيدُ عَنِ ابْنِ امْرَأَةِ زَيْدِ بْن أَرْقَمَ عَنْ زَيْدِ بْن أَرْقَمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم، قال: لبث عيسى ابن مَرْيَمَ فِي قَوْمِهِ أَرْبَعِينَ سَنَةً .

وإسناده ضعيف، فيه مبهم، وهو ابن امرأة زيد بن أرقم، ومجهول وهو " الوليد بن صالح "، ترجم له البخاري في "التاريخ الكبير" (8/145)، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (9/7)، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا.

القول الثالث: أنه لبث في قومه مائة وعشرين سنة.

قال الشيخ محمد بن أحمد بن سعيد الحنفي في "الزيادة والإحسان في علوم القرآن" (1/193):" وما يروى أن عيسى عليه وسلم رفع وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، فهو ضعيف. والصحيح أنه رفع وعمره مائة وعشرون عاماً.

روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في مرضه الذي توفي فيه لفاطمة رضي الله عنها: إن جبريل كان يعارضني بالقرآن في كل سنة مرة، وأنه عارضني به هذا العام مرتين، وأخبرني أنه لم يكن نبي إلا عاش نصف عمر الذي كان قبله، وأخبرني أن عيسى عليه السلام رفع وهو ابن مائة وعشرين سنة، ولا أراني إلا ذاهباً على رأس الستين ". اهـ

وهذا الحديث ضعيف كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم: (341565).

القول الرابع: أنه لبث في قومه ثمانين سنة، وسيمكث في الأرض أربعين سنة، فيكون مدة مكثه في الأرض قبل رفعه وبعد نزوله مائة وعشرين سنة.

قال الشيخ محمد أنور الكشميري في "فيض الباري" (4/456):" وأمَّا عمر عيسى عليه الصلاة والسلام، فتفصيلُه: أنه رُفِعَ وهو ابن ثمانين سنة، ويَمْكُثُ في الأرض بعد نزوله أربعين سنة. وأمَّا سبع سنين عند مسلم، فهي عمره مع المهدي عليه السلام، فتلك مئة وعشرون ". اهـ

وقد استدل على ذلك بما رُوي أن عيسى لبث مائة وعشرين سنة كما قدمنا، مع ما رواه الإمام أحمد في "مسنده" (9270)، من حديث أبي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:   الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ، أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ، وَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ نَازِلٌ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ: رَجُلٌ مَرْبُوعٌ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ، عَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُمَصَّرَانِ كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ، وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ، فَيَدُقُّ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَيُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِسْلَامَ، وَيُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، ثُمَّ تَقَعُ الْأَمَنَةُ عَلَى الْأَرْضِ حَتَّى تَرْتَعَ الْأُسُودُ مَعَ الْإِبِلِ، وَالنِّمَارُ مَعَ الْبَقَرِ، وَالذِّئَابُ مَعَ الْغَنَمِ، وَيَلْعَبَ الصِّبْيَانُ بِالْحَيَّاتِ، لَا تَضُرُّهُمْ، فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ يُتَوَفَّى، وَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ  

والحديث صحح إسناده ابن حجر في "فتح الباري" (6/493).

فهنا دل الحديث على أنه عيسى عليه السلام يمكث في الأرض بعد نزوله أربعين سنة، وعمره مائة وعشرين، فيكون مدة مقامه في قومه قبل رفعه ثمانين سنة.

وهذا التأويل يصح لو صح حديث المائة وعشرين، لكنه لم يصح كما قدمنا.

فيتلخص مما سبق:

أنه لم يصح حديث في مدة مكث عيسى عليه السلام في قومه، وإنما صح أنه يمكث في الأرض بعد نزوله أربعين سنة، وكذلك لم يصح أن عمر النبي يكون نصف عمر النبي الذي قبله.

ولذا نرى أن الجزم بمدة لبث عيسى عليه السلام في قومه قبل رفعه مما لم يرد عليه دليل صحيح صريح.

ومن أراد الاستزادة حول مدة مكثه بعد نزوله الأرض في آخر الزمان يمكنه مراجعة الجواب رقم: (262149)، ومن أراد الاستزادة حول عيسى عليه السلام بصفة عامة فيمكنه مراجعة الجواب رقم: (10277).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب