الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

موقف المأموم المنفرد من الإمام في حال التباعد خشية الوباء

353869

تاريخ النشر : 23-08-2022

المشاهدات : 1080

السؤال

فيما يتعلق بالسؤال:(338358) والمنشور في موقعكم عن موقف المأموم المنفرد مع الإمام، ولكن في ظل كورونا، والتباعد الحاصل في المساجد، إذا لم يكن ممكنا أن يقف المأموم الواحد بحذاء الإمام، أو التأخر عنه قليلا؛ فهل عليه أن يقف معه في نفس الصف، ولو تباعد عنه مقدار ما يكون بين الصفين، أو يقف خلفه، كالصف خلف الإمام؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

من الثابت في السنَّة أن المأموم المنفرد يقف محاذيا للإمام عن يمينه، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم: (338358).

قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:

" مالك، عن نافع، أنه قال: ( قمت وراء عبد الله بن عمر في صلاة من الصلوات وليس معه أحد غيري، فخالف عبد الله بيده، فجعلني حذاءه عن يمينه ).

قال أبو عمر: هذا من فعل بن عمر سنة وإجماع، فالسنة ما رواه ابن عباس وغيره في ذلك...

ولا خلاف بين العلماء أن هذه سنّة مع إمام وحده أن يقوم عن يمينه " انتهى من"الاستذكار"(5 / 377–378).

ثانيا:

والقصد من الاصطفاف والتقارب تحقيق الجماعة؛ لأن التباعد يناقض الاجتماع.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :

" الواجب في الجماعة أن تكون مجتمعة في الأفعال - وهي متابعة المأموم للإِمام - والمكان ، وإلا لقلنا: يصح أن يكون إمام ومأموم واحد في المسجد ، ومأمومان في حجرة بينها وبين المسجد مسافة ، ومأمومان آخران في حجرة بينه وبين المسجد مسافة ، ومأمومان آخران بينهما وبين المسجد مسافة في حجرة ثالثة ، ولا شكّ أنّ هذا توزيع للجماعة " انتهى من" الشرح الممتع " (4/298).

لكن قاعدة الشرع أن القيام بالمأمورات متعلق بالاستطاعة، وبما لا يكون فيه حرج ولا ضرر.

قال الله تعالى:(يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) البقرة/185.

وقال الله تعالى:(مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) المائدة/6.

فإذا كانت المحاذاة والتقارب في الصف يخشى منها الضرر، وانتقال المرض، فهذا عذر يجيز التباعد وعدم المحاذاة.

وقد سبق بسط هذا في جواب السؤال رقم: (333882).

ثالثا:

إذا تعذر أن يقف المأموم بحذاء الإمام، ولم يكن معه أحد، فهل يقف خلف الإمام، مستقلا في الصف، أو يقف في نفس الصف، محاذيا للإمام، مع التباعد منه؟

الصواب هنا : أن المأموم الواحد يصطف مع الإمام، فيكون عن يمينه، بحذائه، ولو مبتاعدا عنه، لأن المشروع للمأموم الواحد أن يقف على يمين الإمام باتفاق العلماء،  وإنما جاز له التباعد دفعاً للضرر عن نفسه، ومن القواعد المقررة عند العلماء : "أن الضرورة تقدر بقدرها"، فالضرورة هنا تجيز التباعد عن الإمام، وبها يندفع الضرر، فلا تجيز أكثر من التباعد، وهو الصلاة منفردا ًخلف الصف، لأنه لا حاجة لذل ، ولأن المشروع في حق المأموم الواحد أن يقف مع الإمام في نفس صفه، ولو متباعدا عنه.

قال ابن قدامة في "المقنع": " وإن كان واحدا، وقف عن يمينه، وإن وقف خلفه، أو عن يساره، لم يصح." انتهى.

قال المرداوي في "شرحه": "  قوله: وإن كان واحدا وقف عن يمينه. بلا نزاع " انتهى، من "الإنصاف" (4/420).

وقال ابن مفلح في "الفروع" (3/39): "ولا بأس بقطع الصف عن يمينه أو خلفه، وكذا إن بعد الصف منه، نص عليه" انتهى.

وقد سبق بيان هذه المسألة في جواب السؤال رقم:(342916). 

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب