الأربعاء 15 شوّال 1445 - 24 ابريل 2024
العربية

هل تلزم الوصية إذا أوصى بمكتبته لأخيه ولم يشهد على ذلك؟

347751

تاريخ النشر : 19-05-2021

المشاهدات : 2451

السؤال

والدي لديه مكتبة للكتب الإسلامية، قال لي يوما عندما كنت أتحدث معه: إذا حدث لي شيء أعطوا مكتبتي لعمكم فلان، انقضت السنون، وتوفي والدي منذ شهر، ولم نجد وصية مكتوبة له أبدا، كان والدي ساخطا على عمي قبل وفاته، فهل نعتبر ما قاله لي والدي وصية واجبة التنفيذ، علما أن والدي لديه ثلاث بنات وثلاثة ذكور؟

ملخص الجواب

إذا لم يتم إثبات الوصية، أو الاعتراف بها من جميع الورثة، فإنها تكون لازمة في حق من أقر بها من الورثة، فما دمت قد أقررت بالوصية، ولم يقم ما يدل على تراجع أبيك عنها، فتثبت الوصية في حصتك من المكتبة، دون باقي الورثة. وعلى هذا، فإذا امتنع باقي الورثة من تسليم المكتبة كاملة لعمك، فنصيبك من هذه المكتبة تعطيه لعمك، بشرط ألا يزيد على ثلث نصيبك من التركة، فما زاد على الثلث فلا يلزمك دفعه إليه، إلا أن تتبرع أنت بما زاد على الثلث.

الحمد لله.

أولًا:

هل يجب تنفيذ الوصية بشهادة شخص واحد؟

إذا أوصى الرجل بشيء من ماله لأخيه، وأشهد على هذا واحدا من أولاده: 

فإن صَدَّق سائر الورثة هذا الشاهد صارت الوصية لازمة لهم، ويجب تنفيذها. 

وإن لم يصدقوه، فالوصية غير لازمة في حقهم، وتحال القضية إلى القاضي الشرعي للنظر فيها، هل يحكم بثبوت الوصية أم لا؟

والوصية يتسامح فيها، فقد يحكم القاضي بثبوت الوصية بشاهد واحد، إذا غلب على ظنه صدقه.

وينظر جواب السؤال: (244567).

وحيث إنكم في بلد غربي، ليس فيه محاكم إسلامية فالمراكز الإسلامية عندكم تقوم مقام القاضي الشرعي، فإذا حصل نزاع بين الورثة في ثبوت الوصية أو تنفيذها، فالواجب الذهاب إلى المركز الإسلامي، أو يُحَكِّم الورثة من يرضون دينه وعلمه بينهم، ويكون حكمه لازما لهم كالقاضي الشرعي.

ثانيا:

متى يُحكم بإلغاء الوصية إذا ثبتت؟

إذا ثبتت الوصية: فإنه لا يحكم بإلغائها، إلا إذا ثبت ذلك عن الموصي، إما بشهادة عليه، أو بإقرار منه أو بغير ذلك من طرق الثبوت.

قال ابن قدامة في "المغني" (8/472):

"مَا ثَبَتَ مِنْ الْوَصِيَّةِ، بِشَهَادَةِ أَوْ إقْرَارِ الْوَرَثَةِ بِهِ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ حُكْمُهُ وَيُعْمَلُ بِهِ، مَا لَمْ يُعْلَمْ رُجُوعُهُ عَنْهُ، وَإِنْ طَالَتْ مُدَّتُهُ، وَتَغَيَّرَتْ أَحْوَالُ الْمُوصَى بِهِ، مِثْلُ أَنْ يُوصِيَ فِي مَرَضٍ، فَيَبْرَأَ مِنْهُ، ثُمَّ يَمُوتَ بَعْدُ، أَوْ يُقْتَلَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ، فَلَا يَزُولُ حُكْمُهُ بِمُجَرَّدِ الِاحْتِمَالِ وَالشَّكِّ، كَسَائِرِ الْأَحْكَامِ" انتهى.

وبناء على هذا؛ فالوصية لعمك بالمكتبة ثابتة كما كانت، ولا يغيرها كون أبيك توفي وهو ساخط على عمك، ما دام لم يثبت عنه أنه تراجع عنها.

ثالثًا:

هل تلزم الوصية في حالة عدم الاعتراف بها من بقية الورثة؟

إذا لم يتم إثبات الوصية، أو الاعتراف بها من جميع الورثة، فإنها تكون لازمة في حق من أقر بها من الورثة، فما دمت قد أقررت بالوصية، ولم يقم ما يدل على تراجع أبيك عنها، فتثبت الوصية في حصتك من المكتبة، دون باقي الورثة.

قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى: 

"وقد أجمع المسلمون أنه لا يقبل إقرار أحد على غيره." انتهى من"التمهيد" (8 / 187).

قال النووي رحمه الله تعالى: 

"مات عن ابنين... 

لو أقر أحدهما أنه أوصى بربع ماله، وأنكر الآخر، فعلى المقر أن يدفع إلى الموصى له ربع ما في يده. ولو أقر أنه أوصى بعين من أعيان أمواله، نُظِر، إن لم يقسما التركة، فنصيب المُقِر من تلك العين، يُصرف إلى الموصى له." انتهى من"روضة الطالبين" (4 / 412).

وقال ابن قدامة رحمه الله تعالى: 

"الوارث إذا أقر بدين على موروثه: قُبل إقراره، بغير خلاف نعلمه. 

ويتعلق ذلك بتركة الميت... ولأنه إقرار يتعلق بحصته وحصة أخيه، فلا يجب عليه إلا ما يخصه، كالإقرار بالوصية." انتهى من"المغني" (7 / 328 - 329).

وعلى هذا، فإذا امتنع باقي الورثة من تسليم المكتبة كاملة لعمك، فنصيبك من هذه المكتبة تعطيه لعمك، بشرط ألا يزيد على ثلث نصيبك من التركة، فما زاد على الثلث فلا يلزمك دفعه إليه، إلا أن تتبرع أنت بما زاد على الثلث.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب