الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

هل خروج الدود من الدبر ينقض الوضوء ويوجب الاستنجاء؟

343382

تاريخ النشر : 15-08-2021

المشاهدات : 11136

السؤال

هل خروج ديدان من الدبر يوجب الاستنجاء على قول من يقولون: إنها تنقض الوضوء، مع العلم أنها صغيرة جداً، وأحس بها فقط، ولا أستطيع مشاهدتها، ولا أعرف هل خرج ببلل أم لا؟

ملخص الجواب

1. ذهب جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة وبعض المالكية إلى أن خروج الدود من سبيل الغائط : ناقض للوضوء. 2. إذا ثبت أن خروج الدود من مخرج الغائط ناقض للوضوء، فإنه لا يلزم منه وجوب الاستنجاء؛ لأن علة الاستنجاء وجود النجاسة؛ والغاية منه ومن الاستجمار إزالة عين النجاسة من ظاهر الجسد. إلا في حالة تلويثه بالنجاسة للمخرج وما جاوره؛ فإن كان غير ملوث للمخرج، فلا يجب الاستنجاء من خروجه.

الحمد لله.

أولا:

هل ينتقض الوضوء بخروج الدود من الدبر؟

ذهب جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة وبعض المالكية إلى أن خروج الدود من سبيل الغائط : ناقض للوضوء.

قال ابن قدامة رحمه الله تعالى:

" الخارج من السبيلين على ضربين: معتاد كالبول والغائط والمني والمذي والودي والريح، فهذا ينقض الوضوء إجماعا...

الضرب الثاني: نادر كالدم والدود والحصا والشعر، فينقض الوضوء أيضا، وبهذا قال الثوري، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وكان عطاء، والحسن، وأبو مجلز، والحكم، وحماد، والأوزاعي، وابن المبارك، يرون الوضوء من الدود يخرج من الدبر، ولم يوجب مالك الوضوء من هذا الضرب لأنه نادر... " انتهى من"المغني" (1 / 230).

وجاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (17 / 112):

" ما يخرج من السبيلين نادرا كالدود والحصى والشعر وقطعة اللحم ونحوها: تعتبر أحداثا تنقض الوضوء عند جمهور الفقهاء: (الحنفية والشافعية والحنابلة)، وهو قول ابن عبد الحكم من المالكية.

وبه قال الثوري وإسحاق وعطاء والحسن، لأنها خارجة من السبيلين فأشبهت المذي " انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين في "تعليقاته على الكافي لابن قدامة" (1 / 128):

" الصحيح أنه لا فرق بين المعتاد وغير المعتاد، فلو خرج من دبره حصى أو دود أو شعر أو ما أشبه ذلك: فإنه ناقض للوضوء؛ ودليل هذا قوله عليه الصلاة والسلام ( حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ) ؛ فإذا كانت الريح وهي لا جرم لها تنقض الوضوء ؛ فما له جرم من باب أولى " انتهى.

وقال الشيخ دبيان الدبيان:

" الذي يظهر أن الاعتبار بالمخرج لا بالنجاسة؛ لأن الريح طاهرة، وإذا خرجت من الدبر كانت حدثا، وإذا خرجت من الفم لم تكن ناقضة، وليس الاعتبار بكونه معتادا، فهذا الودي نادر غير معتاد، وقد يكون دالا على اعتلال، ومع ذلك ينقض الوضوء حتى على مذهب مالك رحمه الله " انتهى من"أحكام الطهارة" (10 / 631).

ثانيا:

هل يلزم الاستنجاء بخروج الدود من الدبر؟

إذا ثبت أن خروج الدود من مخرج الغائط ناقض للوضوء، فإنه لا يلزم منه وجوب الاستنجاء؛ لأن علة الاستنجاء وجود النجاسة؛ والغاية منه ومن الاستجمار إزالة عين النجاسة من ظاهر الجسد.

ولهذا ذهب جماهير أهل العلم إلى أن خروج الدود لا يستنجى منه، إلا في حالة تلويثه بالنجاسة للمخرج وما جاوره؛ فإن كان غير ملوث للمخرج، فلا يجب الاستنجاء من خروجه.

جاء في "حاشية الدسوقي" في الفقه المالكي (1 / 113):

" ومثل الريح في كونه لا يستنجى منه: الحصى والدود إذا خرجا خالصين من البلة، أو كانت خفيفة.

وأما لو كثرت البلة؛ فلا بد من الاستنجاء أو الاستجمار بالحجر، وإن كانت لا تنقض الوضوء كما يأتي " انتهى.

وقال الرافعي الشافعي رحمه الله تعالى:

" وإن خرج من السبيل، نُظِر: إن لم يكن ملوثا كالدودة والحصاة التي لا رطوبة معها؛ ففى وجوب الاستنجاء منه قولان؛ أصحهما: لا يجب لا بالماء ولا بالحجر، لأن المقصود من الاستنجاء إزالة النجاسة أو تخفيفها عن المحل، فإذا لم يتلوث المحل، ولم يتنجس؛ فلا معنى للإزالة ولا للتخفيف... " انتهى من"فتح العزيز" (1 / 477).

وقال المرداوي الحنبلي رحمه الله تعالى:

" أما النجس الملوث: فلا نزاع في وجوب الاستنجاء منه. وأما النجس غير الملوث والطاهر: فالصحيح من المذهب، وعليه جماهير الأصحاب: وجوب الاستنجاء منه...

وقيل: لا يجب للخارج الطاهر، ولا للنجس غير الملوث...

والقياس : لا يجب الاستنجاء من ناشف لا ينجس المحل. وكذلك إذا كان الخارج طاهرا، كالمني إذا حكمنا بطهارته؛ لأن الاستنجاء إنما شرع لإزالة النجاسة. ولا نجاسة هنا. قال في "الفروع": وهو أظهر، قال في "الرعاية الكبرى": وهو أصح قياسا. قلت: وهو الصواب. وكيف يستنجي أو يستجمر من طاهر؟! أم كيف يحصل الإنقاء بالأحجار في الخارج غير الملوث؟! وهل هذا إلا شبيه بالعبث؟! وهذا من أشكل ما يكون " انتهى من"الإنصاف" (1 / 232 – 234).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

"... والطاهر لا يجب الاستنجاء له. ويستثنى أيضا غير الملوث ليبوسته، فإذا خرج شيء لا يلوث ليبوسته فلا يستنجى له؛ لأن المقصود من الاستنجاء الطهارة، وهنا لا حاجة إلى ذلك.

فإن خرج شيء نادر كالحصاة فهل يجب له الاستنجاء؟

الجواب: إن لوثت وجب الاستنجاء؛ لدخولها في عموم كلام المؤلف، وإذا لم تلوث لم يجب لعدم الحاجة إليه " انتهى من"الشرح الممتع" (1 / 140 – 141).

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (4 / 116):

" الخارج غير المعتاد كالحصى والدود والشعر، لا يستنجى منه إذا خرج جافا، طاهرا كان أو نجسا.

أما إذا كان به بِلّة ولوث المحل فيستنجى منها، فإن لم يلوث المحل فلا يستنجى منه عند الحنفية والمالكية، وهو القول المقدم عند كل من الشافعية والحنابلة. " انتهى.

وبناء على ما سبق؛ فما ذكرته من شعورك بخروج الدود مع عدم قدرتك على مشاهدته؛ لا يوجب الاستنجاء؛ لأن هذا الأمر لا يخرج عن حالين:

إما أن يكون شعورك هذا ليس مصيبا؛ وإنما مجرد حكة أو اختلاج في المحل، ومثل هذا لا يلتفت إليه.

وراجع للأهمية جواب السؤال رقم : (89888).

وإما أن لا تستطيع مشاهدته لشدة صغره، فمثل هذا لا يتصور منه تلويث للمخرج، ولا يترك تلويثا يمكن إدراكه، فلا يجب الاستنجاء منه لعدم ثبوت وجود نجاسة.

على أننا ننبه إلى أن المعتبر ليس النظر في هذا الدود الخارج، بل في المحل: هل عليه لوث من هذا الدود، أولا ؟ وهذا يمكن معرفته، والشعور به، ولو أن تمسحه بمنديل ونحوه، إذا شككت في تلوثه.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب