الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

هل يتصدق بالفائض من راتبه لأن أباه سيتحمل تكاليف زواجه وهل تكون هذه هبة فيلزم الأب العدل فيها بين أولاده؟

310106

تاريخ النشر : 23-10-2019

المشاهدات : 2377

السؤال

أنا شاب أعزب سافرت إلى تركيا ، وأعمل فيها بغير شهادتي ، وأقبض راتبا يكفيني ويزيد عن حاجتي ، وكنت أدخر ما يزيد من راتبي حتى أجمع مبلغا من المال يمكنني من الزواج ، ولكني علمت مؤخرا أن أبي ينوي أن يبيع شيء من ممتلكاته ويزوجني أنا وأخي الأكبر ، فأصبحت أتصدق بفائض راتبي إلى جمعية خيرية تساعد أهلنا المنكوبين في بلادنا، وأخفيت هذا الأمر عن أهلي ، فهل يجوز لي أن أتصدق بفائض راتبي ، وأن آخذ نفقات الزواج من والدي عندما أقرر الزواج ، وخصوصا أني أجلت زواجي في الوقت الحالي لحين أن أجد الاستقرار في بلد الغربة ؟ وهل يجب على والدي أن يعطي جميع أخوتي مثل مبلغ نفقات زواجي ، علما أن إحداهن متزوجة ، وأخي الصغير ما زال يدرس ؟

ملخص الجواب

الصدقة جائزة مشروعة لك، ولا يلزمك إخبار والدك بها. ووالدك حين يدفع لك تكاليف الزواج، ينظر في حالك حينئذ: 1-فإن كان معك مال، فيكون ما يدفعه هبة، يلزمه فيها العدل. 2-وإن لم يكن معك مال، فيكون ما يدفعه نفقة.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

النكاح يكون واجبا ومستحبا ومباحا، بحسب حال الإنسان، فيجب على من قدر عليه وخاف العنت، أي الوقوع في الحرام.

قال ابن قدامة رحمه الله : " والناس في النكاح على ثلاثة أضرب : منهم من يخاف على نفسه الوقوع في محظور إن ترك النكاح ، فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء ، لأنه يلزمه إعفاف نفسه وصونها عن الحرام ، وطريقه النكاح.

الثاني: من يستحب له، وهو من له شهوة يأمن معها الوقوع في محظور، فهذا الاشتغال له به، أولى من التخلي لنوافل العبادة. وهو قول أصحاب الرأي. وهو ظاهر قول الصحابة - رضي الله عنهم -، وفعلهم. قال ابن مسعود: لو لم يبق من أجلي إلا عشرة أيام، وأعلم أني أموت في آخرها يوما، ولي طول النكاح فيهن، لتزوجت، مخافة الفتنة...

القسم الثالث: من لا شهوة له، إما لأنه لم يخلق له شهوة كالعنين، أو كانت له شهوة فذهبت بكبر أو مرض ونحوه، ففيه وجهان؛ أحدهما، يستحب له النكاح؛ لعموم ما ذكرنا. والثاني، التخلي له أفضل؛ لأنه لا يحصل مصالح النكاح، ويمنع زوجته من التحصين بغيره، ويضر بها، ويحبسها على نفسه، ويعرض نفسه لواجبات وحقوق لعله لا يتمكن من القيام بها، ويشتغل عن العلم والعبادة بما لا فائدة فيه" انتهى من "المغني" (7/ 4).

فإذا لم يكن النكاح واجبا في حقك، فلا حرج في تأخيره، وفي صرف المال في أوجه الخير الأخرى.

وإذا كان واجبا في حقك، وتعلم أن أباك سينفق على نكاحك، فلا حرج أن تتصدق بالفائض من راتبك، لكن ليس لك تأخير النكاح.

ثانيا:

يلزم الأب أن يزوج ابنه إذا احتاج إلى النكاح وعجز عن مؤنته، كما سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (83191) .

ويدخل التزويج حينئذ في النفقة، فلا يلزم فيها العدل بين الأولاد، بل يزوج من احتاج إلى الزواج، ولا يعطى شيئا لمن لم يتزوج أو كان صغيرا.

وإذا كنت قادرا على تكاليف الزواج، فإن ما يعطيه الأب لك، يكون هبة، يلزمه فيها العدل، فيعطي لأختك المتزوجة نصف ما أعطاك، ويعطي لأخيك الصغير مثل ما أعطاك.

وكذا لو كنت قادرا على بعض تكاليف فأعطاها لك الأب، فإنها تكون هبة، لا نفقة.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " لا يجوز للإنسان أن يفضل بعض أبنائه على بعض إلا بين الذكر والأنثى فإنه يعطي الذكر ضعف ما يعطي الأنثى لقول النبي صلى الله عليه وسلم " اتقوا الله واعدلوا في أولادكم " فإذا أعطى أحد أبنائه 100 درهم وجب عليه أن يعطي الآخرين مائة درهم ويعطي البنات 50 درهما، أو يرد الدراهم التي أعطاها لابنه الأول ويأخذها منه، وهذا الذي ذكرناه في غير النفقة الواجبة، أما النفقة الواجبة فيعطي كلا منهم ما يستحق فلو قُدّر أن أحد أبنائه احتاج إلى الزواج، وزوّجه ودفع له المهر لأن الابن لا يستطيع دفع المهر فإنه في هذه الحال لا يلزم أن يعطي الآخرين مثل ما أعطى لهذا الذي احتاج إلى الزواج ودفع له المهر؛ لأن التزويج من النفقة.

وأود أن أنبه على مسألة يفعلها بعض الناس جهلا؛ يكون عنده أولاد قد بلغوا النكاح فيزوجهم، ويكون عنده أولاد آخرون صغار، فيوصي لهم بعد موته بمثل ما زوج به البالغين وهذا حرام لا يجوز لأن هذه الوصية تكون وصية لوارث، والوصية لوارث محرمة لقوله صلى الله عليه وسلم: " إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث ". فإن قال أوصيت لهم بهذا المال لأني قد زوجت إخوتهم بمثله، فإننا نقول: إن بلغ هؤلاء الصغار النكاح قبل أن تموت فزوجهم مثلما زوجت إخوتهم، فإن لم يبلغوا فليس واجبا عليك أن تزوجهم" انتهى من "فتاوى إسلامية" (3/ 30).

والحاصل:

أن الصدقة جائزة مشروعة لك، ولا يلزمك إخبار والدك بها.

ووالدك حين يدفع لك تكاليف الزواج، ينظر في حالك حينئذ:

1-فإن كان معك مال، فيكون ما يدفعه هبة، يلزمه فيها العدل.

2-وإن لم يكن معك مال، فيكون ما يدفعه نفقة.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب