الأحد 19 شوّال 1445 - 28 ابريل 2024
العربية

حكم لبس المريض للحفاظة أثناء الإحرام؟

310093

تاريخ النشر : 07-06-2023

المشاهدات : 3292

السؤال

والدي تجاوز الثمانين، ويرتدى الحفاضة باستمرار، وسيتوجه إلى العمرة ولا مناص من لبس الحفاضة فهل عليه فدية؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يلزم الرجل المحرم التجرد عن المخيط، وهو كل لباس مفصل على قدر البدن أو عضو منه، كالقميص والسروال، طويلا أو قصيرا، ويدخل في ذلك الحفاظة، وهي شبيهة بما يسمى بالتُّبَّان وهو سروال قصير يغطي العورة المغلظة.

والأصل في ذلك: ما روى البخاري (1838) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: " قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاذَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَلْبَسَ مِنْ الثِّيَابِ فِي الْإِحْرَامِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَلْبَسُوا الْقَمِيصَ وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ وَلَا الْعَمَائِمَ وَلَا الْبَرَانِسَ؛ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ لَيْسَتْ لَهُ نَعْلَانِ؛ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ. وَلَا تَلْبَسُوا شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلَا الْوَرْسُ، وَلَا تَنْتَقِبْ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ وَلَا تَلْبَسْ الْقُفَّازَيْنِ.

لكن من احتاج إلى لبس التبان أو الحفاظة، جاز له ذلك، وعليه الفدية.

روى ابن أبي شيبة (6/34) عن حبيب بن أبي ثابت قال : "رأيت على عمار بن ياسر تُبَّاناً، وهو بعرفات".

وورد عند ابن شبة في " أخبار المدينة " ( 3 / 1100 ) ما يدل على أن عمارا رضي الله عنه لبس ذلك لعذر، وفيه قوله " فلا يستمسك بولي".

وفي " النهاية في غريب الأثر " (2/126): "وفي حديث عبد خير قال : " رأيت على عمار دقرارة، وقال: إني ممثون".

الدقرارة : التبَّان، وهو السراويل الصغير الذي يستر العورة وحدها، والممثون: الذي يشتكي مثانته " انتهى.

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: "وما ذُكر عن عائشة رضي الله عنها ظاهره أنها إنما رخّصت في التبان لمن يُرَحِّل هودجها، لضرورة انكشاف العورة ، وهو يدل على أنه لا يجوز لغير ضرورة ، والعلم عند الله تعالى" انتهى من "أضواء البيان" (5/464).

وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: عن لبس المحرم للتبان، لأنه إذا لم يلبسه لحقه ضرر .

فأجاب :"إن خاف أن يلحقه ضرر فلا بأس أن يلبسه ، ولكن إن حَصَّل أن يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع فهو أحسن" انتهى من "لقاءات الباب المفتوح" (177/32).

والفدية هي: إطعام ستة مساكين، أو صيام ثلاثة أيام، أو ذبح شاة.

قال تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ البقرة/ 196.

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ قَالَ: " جَلَسْتُ إِلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ الْفِدْيَةِ فَقَالَ نَزَلَتْ فِيَّ خَاصَّةً وَهِيَ لَكُمْ عَامَّةً ، حُمِلْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي فَقَالَ: مَا كُنْتُ أُرَى الْوَجَعَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى - أَوْ : مَا كُنْتُ أُرَى - الْجَهْدَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى ، تَجِدُ شَاةً؟ فَقُلْتُ : لَا، فَقَالَ: فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ رواه البخاري (1721)، ومسلم (1201).

ثانيا:

يشترط لصحة الصلاة – وكذلك الطواف عند جمهور العلماء- : طهارة الثوب والبدن من النجاسة، فإذا كان في الحفاظة نجاسة من بول أو غائط لزم تبديلها وغسل المحل، قبل الصلاة والطواف، ما لم يكن صاحب سلس، فإنه إذا توضأ بعد دخول الوقت، ولبس حفاظة نظيفة بعد تطهير المحل، ولم يفرط في شد الحفاظة أو العصابة ونحوها، فلا يضره لو خرجت نجاسة هذا الحدث الدائم أثناء الصلاة أو الطواف، ولا يلزمه تغيير الحفاظة في الوقت التالي.

قال في "شرح منتهى الإرادات" (1/120): " يلزم كل من دام حدثه من مستحاضة , ومن به سلس بول , أو مذي , أو ريح , أو جرح لا يرقأ دمه , أو رعاف ( غسلُ المحل ) الملوث بالحدث , لإزالته عنه ( وتعصيبه ) أي فعل ما يمنع الخارج حسب الإمكان ، من حشو بقطن , وشدّه بخرقة طاهرة ... و( لا ) يلزمه ( إعادتهما ) أي الغسل والعصب ( لكل صلاة، إن لم يفرّط )؛ لأن الحدث مع غلبته وقوته لا يمكن التحرز منه ...

( ويتوضأ ) من حدث دائم ( لوقت كل صلاة إن خرج شيء ) " انتهى مختصرا .

وقال في "مطالب أولي النهى" (1/236): " ( ولا يلزم إعادة غسل , ولا ) إعادة ( تعصيب لكل صلاة؛ حيث لا تفريط ) في الشد؛ لأن الحدث مع غلبته وقوته: لا يمكن التحرز منه، قالت عائشة : (اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من أزواجه، فكانت ترى الدم والطست تحتها، وهي تصلي) رواه البخاري .

فإن فرّط في الشد، وخرج الدم بعد الوضوء لزمت إعادته؛ لأنه حدث أمكن التحرز منه" انتهى .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب