الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

حكم تخصيص جزء من أموال الوالد لأحد الأبناء ليهتم بها على أن تكون نصيبه من التركة

309662

تاريخ النشر : 19-09-2019

المشاهدات : 3737

السؤال

والدي عمره 95 عاما ، لديه مزارع في أماكن متعددة ، ولديه مزرعة خاصة زرعها مانجو وحمضيات ، وبها استراحة يتواجد بها ليليا هو وأقاربه ، وبها عامل له مرتب شهري ، وعجز والدي عن القيام بمتطلبات المزرعة والاستراحه المالية ، وامتنع الأبناء عن دفع المستحقات المالية للمزرعة ، وستكون النتائج دمار الأشجار وخراب الاستراحة ، فهل يجوز أن يجعلها نصيبا لأحد أبناءه مقابل خروجه من بقية الأملاك ؛ كي يقوم على رعايتها والاهتمام بها علما أنها تمثل نصيب فردا واحدا من الأملاك ؟ وهل يجوز أن يقسم التركة وهو على قيد الحياة ؟

الجواب

الحمد لله.

يجوز للرجل أن يقسم تركته في حياته بين ورثته، بشرط ألا يقصد الإضرار ببعض الورثة، فيمنع بعضهم، أو يعطيهم دون حقهم إضراراً بهم .

ويعتبر هذا هبة منه لأولاده، فيلزمه العدل بينهم.

قال في "الإنصاف" (7/142): "لا يكره للحي قسم ماله بين أولاده، على الصحيح من المذهب" انتهى .

وإذا كان الأمر كما ذكرت، فلا حرج أن يملّك والدك المزرعة لأحد أبنائه، إذا أعطى للبقية من الذكور مثله، وأعطى للأنثى نصف ما للذكر.

والأصل في ذلك: ما روى البخاري (2587 ) ، ومسلم (1623) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ : " تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْطَلَقَ أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُشْهِدَهُ عَلَى صَدَقَتِي فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ قَالَ لَا قَالَ : اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ  فَرَجَعَ أَبِي فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ ".

ولمسلم (1623) :  فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا بَشِيرُ أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا ؟ قَالَ نَعَمْ ، فَقَالَ : أَكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا ؟ قَالَ لَا ، قَالَ :  فَلَا تُشْهِدْنِي إِذًا فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ  .

قال ابن قدامة رحمه الله: " إذا ثبت هذا، فالتسوية المستحبة: أن يقسم بينهم على حسب قسمة الله تعالى الميراث، فيجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وبهذا قال عطاء، وشريح، وإسحاق، ومحمد بن الحسن.

قال شريح لرجل قسم ماله بين ولده : ارددهم إلى سهام الله تعالى وفرائضه.

وقال عطاء: ما كانوا يقسمون إلا على كتاب الله تعالى .

وقال أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وابن المبارك: تعطى الأنثى مثل ما يعطى الذكر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد: " سو بينهم ". وعلل ذلك بقوله : أيسرك أن يستووا في برك؟ . قال: نعم. قال: فسو بينهم . والبنت كالابن في استحقاق برها، وكذلك في عطيتها. وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية، ولو كنت مؤثرا لأحد، لآثرت النساء على الرجال . رواه سعيد في " سننه ". ولأنها عطية في الحياة، فاستوى فيها الذكر والأنثى، كالنفقة والكسوة.

ولنا: أن الله تعالى قسم بينهم، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وأولى ما اقتدى بقسمة الله، ولأن العطية في الحياة أحد حالي العطية، فيجعل للذكر منها مثل حظ الأنثيين، كحالة الموت. يعني الميراث" انتهى من "المغني" (6/ 53).

 ولو وقع شيء من التفضيل برضى بقية الأولاد، والحال أنهم بالغون راشدون، فلا حرج.

وينبغي أن تحرصوا على بر والدكم، وإسعاده، وتقوية أواصر الرحم والأخوة فيما بينكم.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب